برعاية فخامة رئيس الجمهورية التونسية زين العابدين بن علي بدأت امس في تونس أعمال الدورة السابعة والعشرين لمجلس وزراء الداخلية العرب. ويرأس صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب وفد المملكة العربية السعودية إلى اجتماعات هذه الدورة التي تستمر يومين ويشارك فيها اصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية في مختلف الدول العربية. وبدأت الجلسة الافتتاحية بتلاوة آيات من القرآن الكريم بعد ذلك تلى معالي وزير الداخلية والتنمية المحلية التونسي ممثل رئيس الجمهورية رفيق بالحاج قاسم كلمة فخامة الرئيس زين العابدين بن علي التي وجهها للاجتماع 0 وقد توجه فخامته في مستهل كلمته بالتحية والتقدير الى صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز منوها بالرعاية الكريمة التي يوليها سموه لمجلس وزراء الداخلية العرب بحكمة واقتدار.. ورحب بسموه وبأصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب في الجمهورية التونسية. وأكد فخامته ان ما يشهده العالم اليوم من تحولات متسارعة في مختلف القطاعات والمجالات يحتم العمل الدؤوب من اجل مواكبة هذه المتغيرات وادراك ابعادها ورفع تحدياتها بما يقتضيه ذلك من التحلي بصدق العزيمة وروح المبادرة والسعي الى اشاعة قيم التآزر والتكافل وتوحيد الكلمة في اطار ما يربط الدول العربية من وشائج قربى واواصر اخوة وما يجمعها من تطلعات وطموحات مشتركة. وتحدث فخامته عن حرص بلاده على مواصلة السير في هذا النهج القويم والمثابرة باستمرار على ان تبقى عنصرا فاعلا في ترسيخ دعائم العمل الامني العربي المشترك وان تسهم من موقعها في الحفاظ على امن الدول العربية وسيادتها ومناعتها. واشار الى ان انعقاد هذه الدورة يتزامن مع اليوم العربي لحقوق الانسان معربا عن تقديره للجهود المحمودة التي يبذلها مجلس وزراء الداخلية العرب في مجال الاهتمام بهذا الموضوع وبعلاقته بمتطلبات الامن العمل الامني. وقال (ان حقوق الانسان في نظرنا عنوان حضارة وضرورة اخلاقية وسياسية ومقوم اساسي من مقومات كرامة الافراد والشعوب..ولا طالما اكدنا ان هذه الحقوق كل لا يتجزأ وان لا مجال للمفاضلة بين اصنافها وأجيالها ولا لتمييز احدها على الاخرى). وراى ان مجلس وزراء الداخلية العرب يمثل دائما اطارا مميزا لتدارس القضايا الامنية ذات الاهتمام المشترك بفضل ما يوفره من فرص وآليات للتشاور والحوار.. وقال(نحن واثقون بقدرة هذه المؤسسة في اطار اهدافها النبيلة وبفضل التطوير المستمر لوسائل عملها ومواكبتها للحاجيات الامنية المستجدة). وجدد فخامته اعتزازه باعتماد منظمة الاممالمتحدة لمبادرته باعلان هذا العام سنة دولية للشباب معربا عن امله في ان تشهد الدول العربية بهذه المناسبة تظاهرات متميزة تعكس المنزلة الرفيعة لهذه الفئة. وتطرق كذلك الى ما يتضمنه جدول اعمال مجلس وزراء الداخلية العرب بشأن مشروع خطة مرحلية سادسة لتنفيذ الاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية الى جانب تقديم تقارير عن تجارب الدول العربية في المجال الامر الذي يجسد الحرص على حماية المجتمعات العربية ووقاية الشباب من هذه الآفة وضمان سلامته من المخاطر والتيارات التي تستهدف صحته الجسمية والعقلية. وتحدث عن اهتمام المجلس بقطاع الحماية المدنية حيث يدرس في هذه الدورة مشروع خطة مرحلية ثانية لتنفيذ الاستراتيجية العربية للحماية المدنية تقوم على اساس تقييم الخطة المرحلية الاولى وتساهم في تكثيف الجهود بالشراكة مع المنظمات والهيئات الاقليمية والدولية المتخصصة والجمعيات والمنظمات غير الحكومية ذات العلاقة من اجل الوقاية من مختلف المخاطر الطبيعية والصناعية واستباق الاحداث والتدخل السريع والناجع. وشدد على ان تضافر جهود الخبرات العربية واستثمار ما يتيحه التطور التكنلوجي في هذا المضمار من شانه ان يحقق الاهداف المنشودة من هذه الخطة ويعود بالنفع على المواطن العربي سواء على سبيل الوقاية او على صعيد النجدة والانقاذ والاسعاف. واعرب عن ثقته في ان مساعي وجهود مجلس وزراء الداخلية العرب ستكون خير سبيل لبلوغ النتائج المرجوة لهذه الدورة وتحقيق الاضافات المتميزة التي تسهم في ترسيخ اركان الامن العربي المشترك وتعزيز مقومات مناعة الشعوب العربية ونمائها داعيا الله تعالى ان يكلل اعمال المجلس بالنجاح والتوفيق. وتطرق فخامته الى مبادرة المجلس الى انشاء نظام عصري للاتصالات بما يتضمنه من قاعدة للبيانات الجنائية وما يتيحه للامانة العامة للمجلس واجهزتها وللدول العربية من تبادل فوري للمعلومات باعتباره من مقومات الاداء الامني الناجح. واشاد بالجهود التي تبذلها جامعة نايف العربية للعلوم الامنية دعما للأمن العربي المشترك بفضل ما تعده هذه الجامعة العتيدة من بحوث ودراسات وما تنظمه من لقاءات علمية ودورات تدريبية لتطوير الاداء الامني والارتقاء به الى افضل المراتب بكافة الدول العربية. واوضح ان المجلس ادرج ضمن اهتماماته في هذه الدورة مجموعة من البنود المهمة التي تخص تقييم مختلف الاستراتيجيات والخطط المرحلية ذات الصلة بالعمل الامني وفي مقدمتها ما يتعلق بمكافحة الارهاب والجريمة المنظمة والمخدرات وجرائم تقنية المعلومات فضلا عن الموضوعات المتصلة بالسلامة المرورية والحماية المدنية. وافاد بانها موضوعات تكتسي اهمية بالغة في ضوء التحولات الاقتصادية والاجتماعية العالمية المتسارعة بما يؤكد الحاجة الى بذل مزيد من الجهد حتى تكون الاجهزة الامنية دوما في مستوى المهام المناطة بها متفاعلة مع هذه المتغيرات ومواكبة لاحدث التقنيات والمناهج العلمية ضمانا للوقاية وتعزيزا لنجاعة التدخل في مكافحة الجريمة بكل مظاهرها وأشاكالها وحماية المجتمع من مختلف المخاطر والآفات. واشار الى اهتمام المجلس بموضوع حوادث الطرقات بما يبرهن على ما يحظى به هذا الموضوع من عناية خاصة في مختلف ارجاء الوطن العربي وما يقتضيه الحفاظ على حياة الانسان من جهود مضاعفة للحد من الخسائر البشرية والاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن هذه الظاهرة. وتحدث عن جملة من اجراءات التي اتخذتها تونس والمؤتمرات الدولية التي احتضنتها بشان السلامة المرورية والوقاية من حوادث الطرقات والتوعية المرورية خاصة بين اوساط الشباب. ثم القى صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب كلمة قال فيها : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العاليمن والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين أصحاب المعالي وزراء الداخلية العرب معالي امين عام مجلس وزراء الداخلية العرب اصحاب المعالي والسعادة ايها الاخوة الحضور السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : يسرني في هذه المناسبة ان اعبر عن سعادتي بهذا اللقاء السنوي الكريم الذي يؤكد في اعماله وقراراته ما للامن العربي من اهمية.. تحفظ الانسان حاله وماله وعرضه..وبما يحقق استقرار حاضره وأمان وتطور مستقبله.. كما يسرني في مستهل هذا اللقاء ان ارفع باسمي وباسمكم جميعا وافر التقدير والاجلال لفخامة الرئيس زين العابدين بن علي رئيس الجمهورية التونسية الشقيقة على ما يحظى به مجلس وزراء الداخلية العرب وامانته الدائمة واجتماعاته المتكررة من رعاية كريمة من لدن فخامته.. وضيافة معهودة من شعب تونس الشقيق.. وما نحاط به على الدوام من حسن استقبال وحفاوة وتكريم.. كما نشكر لمعالي الاخ رفيق بالحاج قاسم وزير الداخلية والتنمية المحلية بالجمهورية التونسية حسن الاعداد والتنظيم لهذا الاجتماع والحرص على توفير اسباب نجاحه وبلوغ اهدافه بإذن الله تعالى وتوفيقه. ايها الاخوة : احمد الله عز وجل على ما تحقق من انجازات على صعيد العمل الامني في دولنا العربية.. وما تم تنفيذه في سبيل بلوغ ذلك من خطط واستراتيجيات عربية شملت الوقاية من الجريمة..ومكافحة الارهاب.. والسلامة المرورية..والحماية المدنية..ومكافحة المخدرات.. والرقابة المالية.. والتوعية الامنية.. وانني على يقين بان هذه انجازات تستحق التقدير ليس على المستوى الرسمي فقط ولكن حتى على المستوى الشعبي لامتنا العربية التي تنشد الامن والاستقرار في حياتها..الا ان طموحاتنا كبيرة.. وجهودنا متواصلة.. لتحقيق توجيهات قادة دولنا..وتطلعات شعوبنا العربية. ايها الاخوة: ان استقامة سلوك الفرد..وانتظام استقرار الامة وتطورها.. يعتمد في الاساس على سلامة الفكر وعقلانية الاتجاه..ولذلك كان الانحراف الفكري من اهم المشكلات الفكرية والامنية التي تعاني منها امتنا عبر تاريخها الطويل وفي واقعها المعاصر.. فخوارج اليوم هم امتداد لخوارج الامس الذين قال عنهم علي بن ابي طالب رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيخرج قوم في آخر الزمان احداث الاسنان.. سفهاء الاحلام.. اي انهم جمعوا مع حداثة السن.. سفاهة العقل وضحالة التفكير.. وهو ما يؤكده فعل بعض من انحرف عن الجادة من افراد مجتمعاتنا المسلمة والعربية.. وخرجوا على اجماع امتهم وولاة امرهم.. وكفروا المجتمعات المسلمة حكاما ومحكومين..واستحلوا الدماء والاموال المعصومة..وفتحوا جبهات على الامة المسلمة تضعف قدراتها وتعين اعدائها عليها.. وهو ما استوجب - ايها الاخوة - ان تهتم المؤسسات الامنية والتعليمية في المملكة العربية السعودية بإجراء دراسات متعمقة وابحاث متخصصة في قضايا الامن الفكري من منطلق منهج الوقاية ونهج التحصين ضد الفكرالمنحرف الذي يهدد المجتمع وسلامته واستقراره.. وهو جهد اثمر في محصلة نتائجه الى تقديم مشروع استراتيجية عربية للامن الفكري نسعد بطرحها ضمن اعمال الدورة السابعة والعشرين لمجلسكم الموقر بأمل ان تكون منطلقا لرؤية امنية عربية شاملة..تسهم باذن الله تعالى في تعزيز الجهود الرامية الى بناء حصانة فكرية لدى الفرد والامة ضد المؤثرات الفكرية المنحرفة المهددة لامننا العربي المشترك. ان المسؤولية الامنية -ايها الاخوة - وان كانت واجباً ملزماً لاجهزة الامن..فان نجاحها مسؤولية مشتركة على الجميع.. فالكل مستفيد من استتباب الامن..والكل ايضا متضرر بغيابه او ضعفه- لا قدر الله-. ايها الاخوة : ارجو الله العلي القدير ان يوفقنا جميعا لما يرضيه.. وان يجعل في اجتماعكم ما يحقق توجيهات قادتنا.. وتطلعات شعوبنا العربية.. وان يسهم ما تتوصلون اليه من قرارات وتوصيات في تحقيق تلك الغايات السامية انه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.