تقوقع على تفكيره فذهوله كان سحيقاً في البعد ودوائر التمزق الخشن التي كانت تعتصر جرحه سقطت بجلاء في الحيرة . فقد غمره الحزن حتى أخمص قدميه عندما تذكر تلك الهامة التي كانت تدب بقدميها إليه في كل فرصة ترى أنها سانحة لديه . كان حينها يمتلك فقط الفقر وأشياء أخرى صغيرة لا تنتمي إلى السعادة حسب مدارك جهله بينما ذلك العاتية كان يمتلك الغنى في الحب الذي يبقى ويا للأسف هذا الغنى لا يجد من يبقى له من بين الجموع الغفيرة وتلك الهامة المنكسرة من بينها فقد تناست ولكنها أشك كثيراً في أنها قد نست بأنها كانت في يوم من الأيام تتوسد بقامتها الطويلة تلك الزاوية التي كادت أن تختنق بضيقها أو ربما بمضايقتها لمن يحاول أن يتمدد بدون القرفصاء في محورها وانفرجت أخيراً حتى كادت أن تسع كل رجال القبيلة .. تسيد بعد أن توسدها وأخرج عينيه اللاهثتين على نفسه في محاولة منه لأن يصلح ما قد يكون نشازاً عليها فرفقاؤه الآنيون سوف يتقافزون دون رحمة بعد سويعات ضئيلة للاطمئنان على جودة نومه في الليلة التي غادرت ولن تعود أبداً حاول جاهداً أن يطلق العنان لوجهه الفاخر وهو في مساحة مخضرة من داره العامرة ليصطدم بمن كان قدره في أن يتقبل الأوامر وأومأ له بأن يزيد في حرصه عندما يكون أصدقاء غفلته على أبواب غرفته الفسيحة فمعظم من يتعاطون محبته وهى عن غير قصد تجد على رؤوس أنوفهم فقاعات هوائية تجيد الإنفلات الحر بمجرد العبور من فوهة الحدث فلا طعم ولا رائحة ولانكهة ولا لون لهذه المتطايرة والتي تقذف ابتسامتها الصفراء بوعى يحبو بخبث ويتسلل إلى تلك الجباه النضرة التي جبلت بفطرتها على حمل المعروف وإراقته بوفاء عليهم دون مِنًّة أو حسد أو تضجر 0 هو يعرف بأن كفيه لا تنبت فقط ورداً أرجوانياً بين تقاسيمها الرطبة أو زهراً يعشق السوسن فقد تكون هنالك أزهاراً برية وحشية يستحيل معها قطافها أو اجتثاثها من مراكن حشائشها الدخيلة ولكن ماذا يعمل وهو في زمن الأضواء ؟ فقد أصبح جزءاً منه ويحتم عليه من وجهة نظره الفقيرة أن يتناسى من كان بعيداً عنه أو قد يرى بأنه لن يصل إليه أبداً وربما لا يعي مدركاً بأن وهجه المصطنع المحيط به قد ينخفض فجأة كلما زادت تجاعيد الأيام عليه حتى ولو كانت تبدو جميلة فمن الحكمة أن يتذكر الماضي الذي كان فيه جزءاً منه وقاده إلى مضارع أجمل فكم هو جميل أن تمتد محبته بوفاء لكل من كان معه آنذاك وهو في قمة نوره ووهجه وضيائه وهو في قمة خطوته فهل يكون حكيماً قبل أن ترتجف ثم تقف لتنحدر !!! . ومضة :- من شعر فيصل أكرم : الآن أنتَ إلى النزول ولن يطول غيابُ من طلعوا على كل الزوارق سابحين إلى اتجاهاتٍ تدين العائدين إلى المنازلْ هي ذي الحياة : قماشةٌ في صحن نادلْ هي ذي الحياة : خريطةٌ بيدِ المقاتلْ هي ذي الحياة : وأنت هذا هل ستعجبكَ البدائلْ .. ؟