استطاع الشاعر الدكتور غازي القصيبي أن يتوسد مشاعر الناس بقدرته المتفوقة على امتلاك مشاعر القارئ .. بل أن القصيبي كشاعر عملاق استطاع أن يتوسد العين والقلب وأصبح المحبون للشعر يجدون في دوحة هذا الشاعر الكبير ما يغريهم على التواصل معه. ومثلما التصق القراء بنزار قباني وفاروق جويدة ونازك الملائكة وبدر شاكر السياب وفدوى طوقان ومثلما أحبوا محمد حسن فقي وضياء الدين رجب وحسين سرحان والدكتور إبراهيم العواجي ويحيى توفيق والدكتور عبدالعزيز خوجة وغيرهم من الذين زرعوا قصائدهم تحت جلودنا فتوحدت مع الدم .. والخفق .. كان غازي القصيبي مثل غشقة المطر .. والعطر .. والهمس .. يتألق ويزدهي .. ويتفوق. وظلت قصائد القصيبي حية .. نابضة .. في وجدان الناس .. يحتفون بها .. ويعشقونها.. ويهدهدونها حتى تنام على صدور أحلامهم .. فاذا ما جاءت أي مناسبة تسارع الناس في السؤال: ماذا قال غازي القصيبي .. فهم يعرفون بأن هذا الفنان الكبير هو أروع من كتب .. وأقوى من هتف .. حتى أصبحت قصائده مرسومة على الصدور .. قامتها فارهة .. ومزدهية على الجباه .. صارية تخفق بالابداع والجمال. أصبح غازي القصيبي الشاعر .. يتوحد أبداً مع نبض القراء .. وتمشي قصائده في أدق الشرايين .. هو أبداً الشاعر الذي يصحو مع قرائه .. وينام معهم. والقصيبي قيمة أدبية شامخة فهو شاعر .. كبير .. وهو قاص لا يشق له غبار .. وهو مثقف عتيد صاحب قامة فارهة. ومن فرط اعجابي بشعر القصيبي فان معظم القصائد الجديدة التي تنشرها له بعض الصحف في المناسبات بالذات كنت أسارع إلى (أرشفتها) حتى لا تضيع مني في زحمة النسيان .. أو في زحمة الشعر الفالصو الذي تنشره الكثير من الصحف بين آن وآخر حتى كونت رصيداً جيداً من تلك القصائد إلى جانب ركضي الدائم لاقتناء أي ديوان جديد .. أو قصة جديدة .. ذلك أن شاعرنا الكبير رائع ومجيد سواء في شعره أو نثره. وخلال العشرين عاماً التي تواصلت فيه صفحتي (الكلمة نغم) للنشر أسبوعياً بجريدة الندوة استضفت أديبنا الكبير الدكتور غازي القصيبي ثلاث مرات على مدى سنوات متفرقة تأكيداً لاعجابي ومحبتي لفن هذا العملاق واستطيع التأكيد بأن تلك الحوارات كانت من أجمل الحوارات التي نشرت في (الكلمة نغم) ولقيت حفاوة نادرة .. واعجاباً مثيراً .. ولا غرابة في هذا فان القصيبي (فنان حرف وحريف كلمة). ولا أنسى اني أجريت مع أديبنا الكبير القصيبي حواراً ضمن الحوارات التي كنت أجريها كل يوم اثنين في الصفحة الأخيرة بجريدة الندوة وتواصلت على مدار عام تقريباً وكانت تحمل مسمى (يقولون) وقد أثار الحوار مع استاذنا غازي القصيبي كثيراً من النقاشات والأصداء نتيجة جرأة الدكتور القصيبي وأسلوبه الساخر والمباشر. لقد عنَّ لي أن أكتب عن هذا الأديب الكبير .. والشاعر المبدع .. والقاص العملاق .. والمسؤول الناجح بجهده وقدراته وترسانة مهاراته .. وأنا أرفع يديّ إلى السماء أدعو له بالشفاء العاجل وتمام الصحة والسعادة ليظل أبداً القمر المتوهج .. والنخلة المثمرة .. آمين .. آمين. آخر المشوار قال الشاعر: سحرتِ شبابي النائي فعاد الىَّ جذِلانا وجاء الطفلُ مشبوب الرؤى بالوجد نشوانا وحركتِ الجماد .. فنامَ في حضنكِ إنسانا