جاء توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله بتشكيل لجنة تحقيق في كارثة سيول جدة التي حدثت أوائل شهر ذي الحجة الماضي لتؤكد على أن أرواح المواطنين وممتلكاتهم لن تذهب سدى نتيجة أخطاء ارتكبها البعض من مسؤولي القطاعات الحكومية الخدمية سواء من كان على رأس العمل أو أولئك الذين أحيلوا للتقاعد. ولم يستثن التوجيه السامي الكريم أي مسؤول مهما كانت درجته الوظيفية أو الاجتماعية وقد كشفت الأيام القليلة الماضية من خلال التحقيقات احالة بعض المسؤولين للتحقيق ومن المؤكد أن هناك عقوبات ستصدر بحق المذنبين. وبعيدا عن كارثة سيول جدة وما خلفته من ضحايا فان هناك مذنبين آخرين قد لايرتبطون بكارثة جدة غير أن سلبياتهم تستدعي معاقبتهم لاستغلالهم السلطة وهؤلاء عادة ماتشير إليهم هيئة الرقابة والتحقيق في تقريرها السنوي بعبارة سوء استغلال السلطة لكننا حتى الآن لانعرف ماهي المخالفات التي ارتكبوها ؟ وماهي العقوبات التي فرضت عليهم ؟. أهي متمثلة في تعيين الأقارب والأصدقاء بوظائف لايستحقونها ؟ أم هي متمثلة في تعطيل مصالح المواطنين ؟ أم غير ذلك ......؟. إن هناك مواطنين يعانون الكثير من أجل انجاز معاملاتهم، وهناك مسؤولون مستغلون لمراكزهم وليس أمام المواطن سوى التزام الصمت والرضوخ للأمر الواقع. وما نحتاجه من هيئة الرقابة والتحقيق ليس الانتظار للاستماع لشكوى مواطن قد يتقدم بها أولا ودراستها بل العمل على تنظيم جولات ميدانية مفاجئة لكشف الأخطاء المرتكبة فمن غير المنطق أن يكون الدوام الرسمي في السابعة والنصف صباحا ولا يسمح للمواطنين بدخول الإدارة إلا بعد الدوام بساعة !. ومن غير المنطق أن يبحث المواطن عن صديق له معرفة بأحد موظفي هذه الدائرة أو تلك حتى يتمكن من انجاز معاملته. أو يسعى شخص ما لفرض رأيه ومطلبه دون دليل ثابت إلا لكونه على علاقة بهذا أو ذاك داخل الدائرة. إن كارثة جدة وان أودت بحياة أشخاص أبرياء فان هناك كوارث أخرى داخل بعض القطاعات الخدمية متمثلة في تعطيل مصالح المواطنين وإذلالهم. فإلى متى تلتزم هيئة الرقابة والتحقيق الصمت ويذهب المواطنون ضحايا من اجل معاملاتهم ؟.