في كل مكان .. وفي كل موقع.. وعلى صعيد اي عمل.. هناك دائماً (أولويات) تفرض نفسها ويجب أن يؤخذ بها اولاً مهما كانت الرؤى والظروف .. ومهما كانت الدوافع والمعوقات. الأولويات.. اولاً.. لأنها تشكل اهتماماً قسرياً ملحاً لا يمكن تجاهله أو الاستخفاف به. ولهذا فإن عدم قيام شبكة للصرف الصحي في مدينة جدة الى هذا اليوم يعتبر ضرباً من ضروب المستحيل.. والعبث.. وخطر لا يعلم مداه الا الله. والغريب أن الاهتمام من قبل الذين حملوا أمانة التخطيط.. والمشاريع.. والانجازات في جدة انصب على الكورنيش.. والميادين واظهار الوجه الجمالي لهذه المدينة الساحرة حتى غدت عروساً مدهشة تنال اعجاب الجميع ومحبتهم ولا احد يدري بأن كل المنجز جاء على طريقة (من بره هاالله هاالله ومن جوه يعلم الله)؟!. ولأنه لم يتم الأخذ بهذه الأولويات الأمر الذي ادى في النهاية الى فاجعة الاحداث المأسوية التي نتجت عن هطول الامطار على محافظة جدة وجعلتها تحت الخطر حتى اليوم تحسباً لما قد يستجد مع هطول الأمطار مرة أخرى فقد سارع الملك الإنسان عبدالله بن عبدالعزيز الى معاضدة اسر الشهداء بصرف مليون ريال لذوي كل شهيد غرق.. ثم تصدى خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بتشكيل لجنة للتحقيق والتقصي برئاسة أمير منطقة مكةالمكرمة لمعرفة أسباب الاحداث المأسوية التي نتجت عن هطول الامطار على محافظة جدة. وقد استقبل الجميع أوامر وشهامة الملك الانسان عبدالله بن عبدالعزيز برضى وتقدير كبير لهذه الخطوة التي تستهدف تحديد المسؤولين عما حدث ومحاسبة كل مقصر أو متهاون بكل حزم. وكما اكد رئيس مجلس الشورى.. الدكتور عبدالله بن محمد بن ابراهيم آل الشيخ بأن الأمر السامي يعكس النهج الذي يسير عليه خادم الحرمين الشريفين والالتزام التام بواجب امانة التكليف ومسؤولية رعاية مصالح الأمة والبلاد والعباد التي عاهد الله تعالى على القيام بها بعد مبايعة الأمة له ملكاً للبلاد لافتاً الى أن محاسبة المقصرين ضرورة يمليها الدين الإسلامي الحنيف. واشار رئيس مجلس الشورى الى ان ما ورد في أمر الملك يعبر عن الاحساس بالمسؤولية والتضامن المعطاء اللذين يمليهما ديننا الاسلامي الحنيف ويجسد التفاعل الايجابي مع آلام المواطن والمقيم على ثرى بلادنا الطاهرة وتخفيف مصاب المفجوعين. واستشهد الدكتور آل الشيخ بقول خادم الحرمين الشريفين في خطابه السنوي أمام مجلس الشورى (إن المسؤولية المشتركة بين الجميع تفرض على كل مسؤول تقلد أمراً من شؤون هذا الشعب الكريم مسؤولية القيام بأمانته واضعاً نصب عينيه بأنه خادم لأهله وشعبه وما أعظمها من خدمة اذا توشحت بالأمانة والاخلاص والتفاني والعطاء والتواضع.. وليعلم كل مسؤول بأنه مساءل أمام الله سبحانه وتعالى ثم امامي وأمام الشعب السعودي عن أي خطأ مقصود أو تهاون). اذاً.. هذا هو منهج القائد الباني والذي ينطلق منه حفظه الله في قيادة البلد الطيب والشعب الوفي. حفظ الله لهذا الوطن أمنه واستقراره وعزه وقيادته الرشيدة. آخر المشوار قال الشاعر: كأنما أمة في شخصك اجتمعت وأنت وحدك في صحرائها المطر