هانحن قد بلغنا آخر محطات هذا الشهر الكريم وآن أوان الجد والاجتهاد، لقد أصبحنا في مرحلة (وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض) اذن علينا جميعاً ان نخرج كل ما بوسعنا من جهد فالغنيمة عظيمة والثمرة تستحق بذل الغالي والنفيس للحصول على هذه الثمرة، الثمرة هذه هي (ليلة القدر). (وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلام هي حتى مطلع الفجر).. وقد كان عليه الصلاة والسلام اذا دخل العشر شدّ مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله.. وكانت امنا عائشة رضي الله عنها تقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها، وقال سيد البشر صلى الله عليه وسلم (ان هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم).. وكيف لا يحرم الخير كله؟ وهي أعظم ليالي الدهر، ليلة مباركة الأعمال فيها تُضاعف وتضيق الأرض من كثرة الملائكة، ليلة يباهي الله فيها ملائكته بعباده الصالحين، وفيها يقدر الله تعالى لملائكته جميع ما ينبغي أن يجري على ايديهم من تدبير بني آدم ومحياهم ومماتهم الى ليلة القدر من السنة القادمة، وهي ليلة سالمة لا يستطيع الشيطان ان يعمل فيها سوءاً ولا يحدث فيها اذى وهي سبب للسلامة والنجاة من المهالك يوم القيامة. وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر ايماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه). أحبائي : لقد أمرنا رسول الهدى صلوات ربي وسلامه عليه: بتحريها في أوتار العشر الأواخر من رمضان وكان سلفنا الصالح يحتاطونها في جميع ليالي العشر، ومن علامات هذه الليلة المباركة أن الشمس تشرق يومها بلا شعاع لها فقد قال رسول الله عليه الصلاة والسلام (ليلة القدر ليلة سمحة طلقه لا حاره ولا باردة تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء) او كما قال عليه الصلاة والسلام.. وكان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، والمقصود بالاعتكاف هو تحري ليلة القدر والخلوة بالله عز وجل والانقطاع عن الناس ما أمكن حتى يتم الانس بالله عز وجل والاعتكاف كما هو معلوم سنة مؤكدة عن رسولنا عليه الصلاة والسلام. أحبتي ليلة القدر هي في حقيقتها فرصة لإطالة العمر فألف شهر تعادل تقريباً أربعة وثمانين عاماً فمن يدرك ليلة القدر عشر مرات فكأنما عاش عشرين وثمانمائة عام ومن ادرك هذه الليلة الفاضلة عشرين مرة فكأنما عاش أربعين وستمائة وألف من الأعوام وهكذا فأي نعمة أكبر من ذلك.. وهناك مع الأسف الشديد من يفسر معنى ليلة القدر على قيام تلك الليلة فقط من عبادات مختلفة ولكن المعنى الأصح للقيام هو اضافة الى عمل وفعل العبادات هو القيام أن نعمل بمقتضيات ليلة القدر بعد انتهائها وهذا هو القيام الأمثل لليلة القدر.. والله اسأل للجميع القبول والفوز برؤيتها إنه سميع مجيب . همسة: يقول الرّب جل وعلا: في الحديث القدسي (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به).