كلما مرت الأيام أصبح الفرح عزيزاً ..وغالياً..ونادراً ..فكل الناس يغرقون في الأحزان..والهموم ..والتوتر ..فهذه طبيعة الحياة اليوم في كل مكان ..ولهذا فان الناس لا يجدون متسعاً من الراحة ..أو الشعور المضمخ بالفرح إلا وسارعوا ليعيشوا المناسبة بالطول والعرض..كأن الدنيا ستنتهي غداً .. أو أن الزمان سيرتد بعد قليل!!. وعندما تهل مواكب الفرح يسارع الناس إلى تهنئة بعضهم بعضاً ..ويتأنقون في اختيار عباراتهم ..وهو التعبير عن سعادتهم .وتتسع ابتساماتهم شيئا فشيئا حتى تصبح هادرة ..دافقة.. ويحاول كل واحد القبض على أفراحه حتى لا تفلت منه..أو تضيع وسط الزحام!!. واذا تواصل الفرح .واتسع هدير النبض بالانتشاء ..سارعنا جميعاً إلى القول (اللهم اجعله خيراً) ونخاف ونرتعد خوفا وهلعاً ..نخاف أن تستمر الأفراح..وتموت الاشجار وتكف الأرض عن الدوران!!. بالأمس كنا نفرح بالبساطة وكان النصف كيلو من حلاوة العيد إلى جانب علبة من الحلقوم ونصف كيلو من اللوزية كاف جداً لاقامة مهرجانات فرح قصوى احتفاء بالعيد ومظاهره البسيطة ..واليوم يشتري كل واحد حلاوة العيد ربما بآلاف الريالات، ولكنها لا تحملنا على الفرحة بها حتى في أبسط مظاهر الفرح.. كنا نقضي العيد في الحارة ..حيث المداريه والصنادق وركوب الدراجات وليس في يد كل طفل إلا بعض القروش ومع ذلك كانت القلوب عامرة بالمحبة والفرح..واليوم كل طفل يلعب بآلاف الريالات ومع ذلك يلعب بدون نفس ولا يكاد يشعر بالرضا.. كانت (العيدية) بالقروش واذا كثرت فهي لا تتعدى الريال الواحد ..واليوم يعايد الناس أطفالهم وأقرباءهم والأعزاء على قلوبهم بالمئات والآلاف ومع ذلك فليس هناك طعم ..ولا رائحة.. وفي كل عام تزداد الأمور قساوة وتيبساً فنفقد المزيد من وهج العيد ومشاعر الفرح على الرغم من عطاء العصر لمزيد من الامكانات وتهيئة المزيد من الرفاه.. اننا في ظل هذا الاحتدام الحياتي - وهذا الازدحام في مشاعر الانسان وهو لا يكاد يستمتع أو يفرح أو يقدر ميزان حاجة النفس التي يملؤها الابتهاج والرضا والقناعة ..لا نملك إلا التمنيات الطيبات ...كل عام وابتسامتكم بخير.. آخر المشوار قال الشاعر: الناسُ قد فرحوا بالعيد وابتهجوا وبت تؤرقني في العيد ذكراكِ