اذا كانت الصين قد أعلنت انها بدأت التحقيق في عملية اغراق واردات (الميثانول) السعودي ما اذا كان قد أغرق السوق الصينية بأسعار اقل من تكلفة الانتاج وما اذا كان المنتجون المحليون قد تكبدوا خسائر من جراء ذلك، فليس من حقها اجراء مثل هذه السياسة، والمثل يقول (اذا كان بيتك من زجاج فلا تقذف الآخرين بالحجارة). لقد اشار احدث تقرير رسمي صادر عن منظمة التجارة العالمية في أن الصين تحتل مركز الصدارة العالمية كأبر متهم في قضايا مكافحة الاغراق، وسط احصائيات توضح ان اجمالي عدد قضايا مكافحة الاغراق منذ تأسيس المنظمة وحتى نهاية عام (2004م) بلغ (2416) قضية نصيب الصين منها (356) قضية وهو ما يشكل قرابة سبع الاجمالي. صنع في الصين شعار تجده في كل مكان حولك في الطعام أو الشراب أو السيارة او لعب الاطفال او اجهزة منزلك أو حتى بين طيات ملابسك، واينما تذهب ستجده يطاردك في كل مكان على خريطة العالم، مما يعني اغراقاً صينياً لاسواق العالم وبيعه بأرخص الاسعار مما يؤثر على المنتج المحلي. لذلك فاتفاقيات الجات التي قامت على اساسها منظمة التجارة العالمية عام 1994م هدفت الى حرية التجارة الدولية من القيود الزمانية والمكانية، ويقتضي ذلك الزام الدول اطراف هذه الاتفاقات بالعمل سوياً على سريان قواعد الدول الاكثر رعاية وازالة القيود والعوائق والحواجز الجمركية وما في حكمها التي تمنع تدفق حركة التجارة عبر الدول. ان تحرير التجارة الدولية أمر مطلوب حتى تتخصص كل دولة في النشاط الاكثر تهيوأ له، من خلال التنازلات المتبادلة فيما بين الدول والتي تستند الى ما تتمتع به كل دولة من مزايا نسبته في السلعة التي تنتجها. وفي اطار ما سبق حظرت اتفاقيات الجات الاتجاه الى الاغراق ويقصد بالاغراق الوضع أو الحالة التي يكون عليها سعر السلعة المصدرة يقل عن قيمتها المعتادة عند تصديرها (بلد المنشأ) الى دولة اخرى، او يقل عن تكاليف انتاجها.. وهو ما لا ينطبق على مادة الميثانول السعودي المصدر الى الصين. وبصورة اكثر توضيحاً فإن ما اثارته الصين من اغراق الميثانول السعودي للاسواق الصينية لم يكن هدفه (الاغراق) وانما هدفه ممارسة التجارة الدولية الحرة بين الدول لان ممارسة الاغراق تجيء لتحقيق اهداف متعددة اهمها : التخلص من فائض مخزون لسلعة معينة او لتحقيق مركز احتكاري لهذه السلع أو لفتح اسواق جديدة. واكثر توضيحاً للقارىء العزيز فان اتفاقيات الجات وحتى بيان العناصر اللازمة لوجود الاغراق، والتي لا تواجه المنتج السعودي ولكنها تواجه المنتجات الصينية وهذه العناصر كالتالي: اولاً : عناصر الاغراق: 1 قفل الاغراق ويتحقق اذا كان منتج ما قد تم تصدره الى دولة معينة بأقل من قيمته العادية. 2 حدوث ضرر مؤثر : وقد تم التوسع في التحقق من وجود هذا الضرر الذي يستدل عليه استناداً الى زيادة حجم الواردات سواء بالنسبة للحجم المطلق. 3 توافر علاقة السبب بين الاغراق والضرر فلابد من وجود رابطة فعلية ومنطقية بين القيام بالاغراق وحدوث الضرر. ثانياً : تدابير مكافحة الاغراق : وهي نوعان: 1 التدابير المؤقتة : وتتخذ شكل رسم مؤقت في صورة ضمان مؤقت. 2 رسوم مكافحة الاغراق : وهي التدابير الاكثر فاعلية والاطول مدى في مواجهة الاغراق. خلاصة القول : فالمملكة منذ انضمامها لمنظمة التجارة العالمية تتعامل مع اتفاقيات الجات للاستفادة منها وتقليل اثارها السلبية وان على الصين الالتزام بالقانون الدولي وانه هو القانون وتعرف جيداً انها تخرج عن جادة التجارة الدولية المتحررة التي تحذر الاعضاء من زيادة النزعة (الحمائية) بحيث تتحول الى حماية مقنعة او مبالغ فيها يفضي الى الالتفات على هدف حرية التجارة الدولية .