بعد أن حملت الأيام الماضية تباشير وفاق لبناني على تجاوز الخلافات السياسية وتشكيل الحكومة دون ثلث معطل أو أغلبية متحكمة بعد كل هذه البشريات يأتي وليد جنبلاط ليربك الساحة السياسية اللبنانية من جديد، باعلانه الانسحاب من فريق الأكثرية، ومن قبل أعلن العماد ميشيل عون تململه من الاستمرار في التحالف مع حزب الله. إذن خريطة التحالفات بدأت تتبدل ولكن لم تستقر بعد، وقد كانت نتائج الانتخابات الأخيرة وطريقة أدائها وما أحرزته من مكونات طائفية وراء هذا التغيير. وإذا كان العماد عون لم يتبلور موقفه بعد إلا أن موقف جنبلاط لم يعد يحتمل أي تأويل غير الانشقاق من حلفائه السابقين ، وقد جاءت حيثيات ابتعاده عن حلفائه لتثير الاستياء رغم أن فريق الأغلبية لم يعلق بعد على تصريحات جنبلاط، كما جاء موقف جنبلاط ليشكل صدمة قوية للأكثرية حيث إن من شأن هذا الموقف أن يغير الواقع السياسي اللبناني الذي يقف أمام استحقاق مهم هو تشكيل الحكومة. وما أشار إليه جنبلاط من ضرورة العودة إلى ثوابت الحزب التقليدية وهي الأصول الاشتراكية والالتزام بقضايا العمال والفلاحين والتمسك بالهوية العربية لم يعد هناك مبرر لطرحه الآن فقد كان أوان ذلك إبان الحملة الانتخابية لتكون هذه الشعارات برنامجاً له ولكنه خاض الانتخابات ضمن تكتل وعليه الالتزام ببرنامج هذا التكتل حتى يمكن الخروج بلبنان من أزماته المتتالية بدلاً من ادخاله في أزمة جديدة. ورغم أن مثل هذه التصريحات تعتبر شاذة في هذا الوقت لكن الأمل كبير في أن تتغلب الحكمة اللبنانية من أجل استقرار لبنان وأمن مواطنيه.