مؤسف جداً أن كثيراً منا ليس لهم القدرة على تقبل الاختلاف في الرأى ..والقدرة على الاختلاف هي نوع من أنواع الحوار ..والمفروض أن تكون لدى الفرد منا القدرة على احترام آراء الآخرين .. والاختلاف معهم في الرأى مع الحفاظ على حقهم في الاعتراض ..بل وفي رفض الرأى الآخر ..دون حاجة إلى الانفعال ..أو التحدي والغضب. ولعل آفة مجتمعاتنا اليوم أن الناس تكره أن تعارض ..أو أن يختلف معها في الرأى.. وأي اختلاف مع فرد من الناس قد ينقلك فجأة من صفوف الأصدقاء إلى صفوف الأعداء..ورحم الله أياماً كان فيها اختلاف الرأي يعتبر ظاهرة صحية ..بل ولا يفسد للود قضية. وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أدب الحوار مهم .. وأن مخالطة الناس بخلق هو أمر مطلوب ..(وعن أبي الدرداء مرفوعاً: ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن ، وإن الله تعالى يبغض الفاحش البذيء). ومن حسن الخلق احترام الآخرين ..واحترام آرائهم ..وعدم التكبر على الناس أو التعالي عليهم، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل المشورة ..ويقدر الرأى الآخر يوم اثيرت قضية تأبير النخل ..ويوم أثيرت قضية موقع نزول الجيش في غزوة بدر. وفي كل سيرته المشرقة كان صلى الله عليه وسلم يقدر الناس ..ويستمع إليهم ..ويقدر آراءهم. وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ..يعلن تنازله عن رأيه للحق عندما صححته له امرأة في قضية الصداق ..فقال قولته المشهورة : (أصابت امرأة وأخطأ عمر). ولم يجد في ذلك غضاضة..ولم يجد في ذلك أي حرج فقد رجع إلى الحق الذي قالت به المرأة مع صرامته وشدته . وقوة شكيمته ..ولكنه رجل تربى فى مدرسة النبوة ..وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوته الحسنة. وأنعم بها من قدوة وأكرم بها من أسوة فلنتعلم من هذه السيرة العطرة ..أدب الحوار ..والقدرة على الاختلاف في الرأى. والله الموفق.