القمة العربية المصغرة التي عقدت أمس في الرياض بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس المصري محمد حسنى مبارك والرئيس السوري بشار الأسد وسمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح هذه القمة أعطت دفعة قوية للعمل العربي المشترك فهي قد جاءت تحت عنوان تنقية الأجواء وتحقيق المصالحة لتوحيد الصف العربي ، وما تم بالأمس خطوة مهمة تسبق القمة العربية العادية التي ستعقد في الدوحة في أواخر الشهر الجاري، وقد كانت القمة الرباعية كما عبر عنها البيان الصحفي الذي صدر في ختام الاجتماع تنفيذاً لارادة جماعية من قادة الدول الأربع لتنقية الأجواء العربية وتحقيق المصالحة استكمالاً لما بدأ في قمة الكويت من دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لطي صفحة الماضي وتجاوز الخلافات لمصلحة الأمة العربية، وبالفعل فإن هذه القمة هي المحطة الأهم في تفعيل ما دعا إليه المليك المفدى فالمشاركة السورية في القمة تعني أن المصالحة قد انطلقت وأن الأبواب قد فتحت لتنقية كل ما شاب العلاقات العربية في الفترة الماضية، وحقيقة إن أي حديث عن عمل عربي مشترك في ظل الانقسام الذي كان سائداً هو حديث لا طائل منه وقد أدرك خادم الحرمين بحكمته وثاقب بصيرته ذلك فدعا إلى تجاوز الماضي والنظر إلى الحاضر والمستقبل بقلب مفتوح وطي صفحة الخلاف، وقد انطلقت المصالحات مباشرة عقب دعوة المليك وجاءت قمة الأمس تتويجاً لمراحل سابقة وتمهيداً لمراحل لاحقة حتى يكتمل عقد المصالحات الذي تؤكد كل المؤشرات ومنها هذه القمة أنه بات قريباً، وبالفعل إن المرحلة الحالية التي يواجهها العالم العربي تتطلب ترميم العلاقات وسد الثغرات فالعالم يحمل في طياته الكثير من التغيرات ولن تفلح الأمة في مواكبتها ما لم تكن على قلب رجل واحد، فقد عرفنا الخلاف ومآلاته والشقاق وما يمكن أن يؤدي إليه، فقد أضعف الأمة وأضعف قضيتها وأضعف كلمتها وجعل الأعداء يستغلون خلافاتها لتعميق الشقاق بينها، ولكن كل ذلك أصبح في ذمة التاريخ بعد الدعوة المباركة لخادم الحرمين الشريفين وبعد القمة المصغرة التي انعقدت أمس في الرياض ، فسوف تكون هذه القمة بداية لمرحلة جديدة تسعى فيها الدول الأربع لخدمة القضايا العربية بالتعاون فيما بينها والعمل الجاد المتواصل لما فيه خير الدول العربية والاتفاق على نهج موحد للسياسات العربية في مواجهة القضايا الأساسية التي تواجه الأمة العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.