الإعلانات التجارية أصبحت تحيط بنا من كل جانب، في الطرقات وعلى الجدران وفي الصحف والمجلات التي نطالعها كل يوم، وفي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، حيث يتبارى أصحاب السلع والشركات المنتجة في ترويج منتجاتهم، والى هنا والأمر مقبول، الا انه كثيراً ما تتشابه الاعلانات حول السلعة الواحدة مما جعل الأمر يبدو صعباً، حيث أصبحت الاعلانات أكثر مبالغة بل وتجاوزت الى استخدام كل الوسائل الممكنة لاقناع المشاهد بالسلعة، ولو باستخدام الكذب بوصف السلعة بما ليس فيها، أو حتى باضافة مكاسب مظهرية أو رائحة ضارة بالصحة بهدف تحقيق الربح، وهذا ما نسميه في الاسلام بالغش التجاري. وقد اطلعتنا الصحف المحلية خلال الفترة السابقة على العديد من الأخبار حول قيام الجهات الرقابية بمنع بيع او سحب مواد تجميل وأدوية ومواد غذائية ضارة بالصحة منها : مستحضرات تجميل مبيضات للبشرة تحتوي على مادة الزئبق التي تضر البشرة ونوع الشامبوهات المسرطنة، واربعة أنواع من الحليب المستورد ثبت ضررها وأخيراً شامبو الاطفال القاتل المسمى (رولانا) فمن المسؤول عن دخول مثل هذه السلع الى بلادنا؟. هل هو التاجر المستورد بضاعته من الخارج؟ أم أن جميعها تصنع في الداخل؟ وهل بعد الاستيراد والتوزيع يبدأ دور الرقابة؟ إن الأمر أصبح مرعباً وخاصة اذا تعلق بقتل أطفالنا وفلذات أكبادنا، ولابد لنا من وقفة لتحديد المسؤولين وتنظيم الرقابة الاستباقية بشكل أفضل، وقبل كل ذلك لابد أن يعي التاجر مسؤوليته أمام الله وأمام المجتمع، وأن يتحرى عن بضاعته للتأكد من صلاحيتها قبل الاستيراد، وألا يغش في مواصفاتها لتحقيق مكاسب دنيوية على حساب آخرته. وفي الأثر مر أبو هريرة رضي الله عنه برجل يبيع لبناً فنظر اليه فإذا هو قد خلطه بالماء، فقال له أبوهريرة : (كيف بك اذا قيل لك يوم القيامة خلِّص الماء من اللبن) ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يبيع طعاماً فأعجبه، فأدخل يده فيه فرأى بللاً فقال (ما هذا يا صاحب الطعام؟) قال : أصابته السماء (أي المطر) فقال صلوات الله عليه : (فهلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟ ومن غشنا فليس منا) رواه مسلم. وفي خضم هذا الكم الهائل من الاعلانات التي يختلط فيها الحابل بالنابل والغث بالثمين لابد أن تكون الجهات الرقابية على نفس المستوى والقدر من المسؤولية لحماية المستهلك من الاستغلال أو الايذاء في صحته، ولابد من احكام الحصار حول هذه البضائع وانزال أشد العقوبات بهؤلاء المخالفين ممن غشنا، فهم ليسوا منا وليسنا منهم.