يعتقد البعض بأن الأخطاء الطبية عادية .. ومحدودة .. لكن المتابع لما يحدث في المستشفيات بشكل دقيق يعرف أن حجم هذه الأخطاء كبير جداً .. وفادح أيضاً. ولعل من أسباب استمرار هذه الأخطاء وتفاقمها هو عدم اتخاذ العقوبات الرادعة مع الأطباء الذين يتسببون في مثل هذه الأخطاء .. بل أن بعض هؤلاء الأطباء لا تصل اليهم أيدي البحث والتقصي والتحقيق فضلاً عن تطبيق العقوبات الرادعة أو غير الرادعة!!. هذا تحقيق عن الأخطاء الطبية في المملكة نشرته مجلة (لها) في عددها الصادر برقم 436 في 2/2/1430ه الموافق 28/1/2009م تحت عنوان (الأخطاء الطبية في السعودية من الجاني ومن الضحية) ورغم محدودية المساحة التي نشر من خلالها التحقيق الصحفي فهو لم يتعد الصفحتين الا أنه عرض ثلاث حالات الأولى سنتحدث عنها بالتفصيل والثانية ماتت المريضة بعد أن أجرت عملية تدبيس للمعدة فاستخدم الطبيب دبابيس صدئة اضافة إلى نسيانه قطعة من القطن في معدتها فماتت بعد يومين فقط .. والثالثة لشاب أخضع لعملية ادخال أنبوب لسحب الماء من كيس يوجد في الرئة وبعد عشرين يوماً من المعاناة قال المستشفى لأهل المريض: آسفون لا يوجد علاج ممكن لدينا فخذوا ابنكم إلى مستشفى آخر!! وتم نقله بالفعل إلى مستشفى آخر وتبينوا أن هناك خطأ في طريقة ادخال الأنبوب لسحب المياه .. وتم تصحيح مجرى الأنبوب وخرج الشاب بعد أربعة أيام سليماً ولله الحمد. أما الحالة الرئيسية فلسيدة دخلت المستشفى على قدميها لتنجب طفلها الثالث الا أن الطبيب الذي أجرى لها العملية القيصرية قص عن طريق الخطأ الأمعاء فدخلت السيدة في غيبوبة بعد أسبوعين بعد انتفاخ بطنها بشكل غريب وبالعودة إلى المستشفى والكشف عليها من عدد من الأطباء الذين أجروا لها عملية اكتشاف للأسباب فاتضح لهم أن زميلهم الطبيب الذي قام باجراء العملية القيصرية قد قص الأمعاء!! ثم توالت الجراحات في محاولة لانقاذها ومازالت ترقد بالمستشفى غائبة عن الوعي منذ شهرين!!. الأخطر أن شقيق السيدة واسمه (فهد) أكد بأن المستشفى لم يعطهم أي تقرير عن حالة شقيقته كما أن الطبيب الذي أجرى لها العملية القيصرية اختفى تماماً عن الأنظار!!. ويقول فهد مضيفاً: حاولنا ايصال معاناتنا إلى المسؤولين في وزارة الصحة الا أن هذه الشكوى لم تكن لتصل إلى المسؤولين .. كما حاولت أن أنشر قصة معاناتنا في جريدة محلية الا أن هناك من أوقفها!! وكذلك أرسلت قصتنا إلى حقوق الإنسان ولم يصلنا أي تفاعل أو تجاوب منهم .. ويختتم فهد حديثه للمجلة قائلآً: أشعر بأن حق شقيقتي ضائع وليس هناك من يساعدنا في استرداده أو استردادها واعادتها للحياة الطبيعية. والقصة برمتها خطيرة فالطبيب يخطئ ويقص الأمعاء ثم يختفي .. ثم لا أدري كيف لا يمكن ايصال الشكوى لوزارة الصحة؟ .. ثم لماذا لا يجد شقيقها جريدة محلية تعاضده بنشر هذه الواقعة المؤلمة؟ .. ولماذا صمتت حقوق الإنسان ولم تتفاعل مع واقع الحال؟!. أنا لا أدري .. كل الذي أدريه أن القصة محزنة جداً .. وخطيرة أيضاً باختفاء الطبيب .. وعدم وصول الشكوى لوزارة الصحة .. وصمت حقوق الإنسان .. فيما لازالت المريضة تواجه الموت منذ شهرين!!. يعن لي أيضاً أن أتساءل هل صحيح؟! هل فعلاً هذا يحدث داخل إحدى مستشفياتنا وبهذا الحجم؟! فإذا كان الأمر صحيحاً فأتمنى أن تسارع وزارة الصحة بالتدخل بقوة من أجل انقاذ حياة المريضة ومعاقبة الطبيب المخطئ بما يتناسب وحجم خطئه الكبير ثم محاولته الاختفاء وكيف هي مسؤولية المستشفى تجاه كل ما حدث ويحدث؟. ولا أعتقد أن المسألة مجرد فبركة ذلك أن أخطاء الأطباء أصبحت حكايات طويلة تدمي القلوب .. وتصيب الناس بالذعر .. والخوف .. والألم .. يا أمان الخائفين.