اختتمت أمس الأربعاء بالعاصمة المغربية الرباط أعمال الدورة الثامنة للمؤتمر الإسلامي لوزراء الإعلام الذي عقد على مدى يومين بمشاركة وزراء الإعلام في الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي. ورأس وفد المملكة العربية السعودية في هذا المؤتمر معالي وزير الثقافة والإعلام الأستاذ إياد بن أمين مدني. وقد أصدر المشاركون في ختام المؤتمر وثيقة (إعلان الرباط) تضمنت التوجهات المستقبلية في مجال العمل الإسلامي المشترك في قطاع الإعلام ووسائل تطوير أداء وسائل الإعلام في الدول الإسلامية في ظل التحديات الكبرى التي تواجه الأمة العربية والإسلامية. وشدد إعلان الرباط على ضرورة إحياء الدور المتميز لوسائل الإعلام في البلدان الإسلامية في تبيان العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وحث على الاستمرار في ابراز الكفاح المشروع للشعب الفلسطيني ونصرته حتى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وجلاء الإحتلال الإسرائيلي عن الأراضي العربية. ودعا الإعلان وسائل الإعلام إلى الالتزام بدعم كل الجهود المبذولة من أجل تحقيق الوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني والامتناع عن أي سلوك اعلامي من شأنه اذكاء الخلافات والانقسامات في صفوفه. وندد إعلان الرباط بالمضايقات التعسفية التي تقترفها إسرائيل في حق الصحفيين لمنعهم من نقل صور التقتيل والدمار الذي طال الشجر والبشر والحجر وخاصة إبان العدوان الأخير على غزة، مؤكداً أهمية مواصلة وسائل إعلام البلدان الإسلامية جهودها لفضح مخططات التهويد التي تقوم بها إسرائيل في مدينة القدس الشريف وما يرافقها من انتهاكات متكررة للمقدسات في المدينةالمحتلة. واعتبر إعلان الرباط ان ربح التنمية والتقدم في الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي يستدعي السعي إلى امتلاك التكنولوجيات الحديثة للإعلام ويدعو إلى توسيع استخدامها وتسريع الخطى من أجل الانخراط في سيرورة مجتمع الإعلام والمعلومات والمعرفة وتوفير كافة المستلزمات الضرورية لتحقيق هذا الهدف وتمكين أطر وكوادر البلدان الاعضاء في مجال الإعلام والاتصال من برامج متقدمة في التكوين وإعادة التكوين. وشدد بيان الرباط على ضرورة التصدي إعلامياً أيضاً لكل أشكال التعصب والعنصرية والكراهية وعدم التسامح وذلك لما لدور الإعلام في تعزيز البناء الديمقراطي للمجتمعات والتربية على قيم المواطنة ونشر ثقافة حقوق الانسان وإشاعة آليات الحكامة الجيدة وترسيخ سلوك الشفافية والمسائلة الأمر الذي يستوجب جعل الإعلام في البلدان الإسلامية فضاءً لمناقشة القضايا المرتبطة بتدبير الشأن العام وضمان الحق في الوصول إلى المعلومة وحق الولوج إلى وسائل الإعلام العمومية والاستفادة من كافة خدماتها دون اقصاء أو تمييز. كما أكد المشاركون في المؤتمر على دور الإعلام الإسلامي في المواجهة الحازمة والناجعة للحملات الإعلامية التي تسعى إلى المس بالمقدسات الإسلامية وإشاعة الكراهية والتمييز ضد المسلمين والخلط بين الإسلام دين السلام والرحمة، وبين ظاهرة العنف والإرهاب. ونوه إعلان الرباط بالتحركات الإعلامية الدؤوبة للأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي وتواصله الدائم مع وسائل الإعلام داخل العالم الإسلامي وخارجه مما أسهم في إكساب الصوت الإسلامي مكانة على الساحة الدولية. كما بارك المشاركون في مؤتمر الرباط الإصلاحات الجارية على المنظومة الإعلامية الإسلامية ودعوا إلى استكمالها بما يمكن وكالة الأنباء الإسلامية الدولية واتحاد الإذاعات الإسلامية من امتلاك الفعالية والنجاعة اللازمتين ويتيح توفير المزيد من الدعم لإدارة الإعلام بالأمانة العامة للمنظمة خدمة لقضايا العالم الإسلامي. وأشار اعلان الرباط إلى أن تصحيح صورة الإسلام في وسائل الإعلام الاجنبية وإبراز قيمه السمحة وموروثه الثقافي الغني لا يمكن أن يؤتي ثماره إلا عبر تفاعل إعلامي رصين مع العالم الخارجي من خلال خطاب ملائم وآليات تنسجم مع ذهنيته، مما يتطلب التأهيل الذاتي لوسائل الإعلام في الاقطار الإسلامية وتوحيد جهودها وخبراتها من أجل إنجاح برامج العمل المشترك في اطار هياكل منظمة المؤتمر الإسلامي والانفتاح على التوجهات المناصرة لحوار أتباع الثقافات والأديان والحضارات مع الحرص في هذا المجال على استحضار المكانة البارزة التي تحظى بها مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود. وأكد إعلان الرباط ضرورة مساءلة الذات بالصراحة والصرامة اللازمتين من أجل الإرتقاء بالخطاب الإعلامي الإسلامي إلى المستوى المطلوب وتفادي السقوط في فخ الأطروحات التي تحاول استدراج العالم الإسلامي إلى منطق صراع الحضارات واصطدام الثقافات. كما شدد إعلان الرباط على ضرورة النظر إلى الصراع مع إسرائيل باعتباره صراعاً سياسياً من أجل إنهاء الاحتلال واسترجاع الحقوق وليس صراعا دينيا أو عرقيا. ودعا بيان الرباط في الختام إلى جعل الإعلام في الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي إعلاما يخدم الحقيقة ويعبر عن هموم وانشغالات مواطني الدول الإسلامية ويتحلى باقصى قدر من المهنية والموضوعية في نقل الوقائع والأحداث والتعاطي مع القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وذلك في ظل احترام تام لمبادئ التعددية والتنوع في الرأي والانفتاح على العصر مع التشبث بثوابت الأمة والحرص الدائم على ممارسة واسعة للحرية بروح عالية من المسؤولية.