يسعى كل مواطن إلى الحصول على قطعة أرض منحة من الدولة لينشئ عليها وحدة سكنية يحقق عليها أحلامه ، ويسلم من جبروت أصحاب العقار ، فالسكن هاجس كل رب أسرة ، وأغلب المنح تطلب من قبل أصحاب الدخل المحدود (رجل ، امرأه مطلقة ، ذوي الاحتياجات الخاصة ...) الذين لا يملكون المبالغ المالية لشراء قطعة أرض ، ناهيك عن المرأة والعاجز كيف سيشرف على بناء منزله ، فبنظرة متأنية تجاه تلك الطلبات نجد أن طالب المنحة لا يملك المال الأساسي لشراء القطعة المناسبة في حدود (100) ألف ريال ، فكيف سيؤمن تكاليف الإنشاء والبناء لتلك المنحة التي سيحصل عليها من قبل الدولة بتكلفه تقارب ال (500) ألف ريال ، وبالطبع سيلجأ إلى الدولة مرة أخرى لإعطائه قرضاً مالياً من قبل صندوق التنمية ، ولن يحصل عليه قبل عقد من الزمان لكثرة الطلب ومحدودية رأس المال ، وتأخر المقترضين الأولين من الالتزام بسداد الأقساط المترتبة عليهم ، فيتذمر ويضيق خلقة ويعرض المنحة التي سعى للحصول عليها للبيع بأي ثمن فينتج عن ذلك ولادة سوق سوداء من قبل أصحاب الأموال عن طريق السماسرة ، فيشترون تلك القطع بمبالغ زهيدة ، وما أن يمتلكوا نصف المخطط وأكثر حتى يبدؤوا في بيع تلك القطع مرة أخرى بمبالغ خيالية تتعدى عشرة أضعاف القيمة التي أشتروا بها القطعة ، فإعطاء المواطنين منح لإقامة وحدات سكنية عليها ليس هو الحل ، ومن وجهة نظري أرى لو درست الجهات المعنية إقامة أبراج سكنية بكل منطقة على غرار إسكان جدة المقام بأرض المطار القديم ، بحيث تكون كل وحدة سكنية بمساحة (600)م2 ، ويحتوي المجمع على جميع المستلزمات الحياتية (مساجد ، مدارس ، مركز شرطة ، مركز دفاع مدني ، مستوصفات ، سوبر ماركت ...) ويتم تأجيرها لمواطني الدخل المحدود مقابل مبلغ رمزي لا يتعدى ال (6000) ريال سنوياً ، وبذلك سنحصل على الهدف الإيجابي الذي يسعى إليه كل مواطن محدود الدخل من الحصول على منحة أرض ، وبالتالي سيتوفر للدولة بعد بضع سنين مبالغ مالية بملايين الريالات ، وعقارات في شتى بقاع مملكتنا الغالية بعد أن يتم سداد قيمة البناء الذي يدفع لصندوق التنمية العقاري الذي يقوم بإنشاء تلك الأبراج السكنية من قيمة الإيجارات التي يتم تحصيلها من المستأجرين ، وبذلك يتم القضاء على أزمة الإسكان بجميع جوانبها وبشكل متكامل ، وعلى السوق السوداء لقطع المنح ، وبالتالي نغير ثقافة المجتمع في بناء الدور والمساكن والفلل الكبيرة إلى أن يكون السكن ملائماً وغير مكلف وليس بالكبير ويؤدي الدور الحياتي منه . وجهة نظر أتمنى أن تجد تفاعلاً من الجهات المعنية لينعم المواطن بما يتمناه . ومن أصدق من الله قيلاً (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ).