خالفت الدكتورة فوزية بامقدم استشارية طب المخ والأعصاب والصرع واضطرابات النوم في مدينة الملك فهد الطبية، الاعتقاد السائد لدى العامة بأن داء الصرع مس من الجن، وأنه يجب معالجته بالرقية الشرعية دون العلاج الطبي وليس له علاقة بأي مرض عضوي، مطالبة في ذات الوقت بأخذ الرقية الشرعية مع العلاج الطبي. وقالت بامقدم في ندوة بعنوان (النظرة الدينية والطبية لداء الصرع) التي نُظمت في مدينة الملك فهد الطبية أمس، أن الصرع عرض طبي نتيجة النشاط الكهربائي في الدماغ وهو تكرار التشنجات (النوبات)، والتشنج عبارة عن نوبة صغيرة تحدث فجأة عادة بدون سابق إنذار نتيجة لزيادة في النشاط الكهربائي لبعض الخلايا، وعندما تتكرر النوبات لعدة مرات يطلق عليها داء الصرع. وتطرق الدكتورة فوزية بامقدم في حديثها عن الصرع إلى أنواعه مبينة أنه ينقسم إلى نوعين صرع عام وهو نتيجة لزيادة النشاط الكهربائي في جميع خلايا الدماغ، وينتج عنه فقدان الوعي، إصدار أصوات، زيادة إفراز اللعاب، ثم يمر في مرحلة التخشب (التصلب) العام للجسم والأطراف ثم الارتجاج أو ارتعاش الأطراف، مشيرة إلى أن هذه النوبة تستمر في الغالب من مدة دقيقتين إلى أربع دقائق يتبعها نوم عميق قد يستمر إلى نصف ساعة، والنوع الآخر صرع جزئي وهو نتيجة زيادة النشاط الكهربائي في جزء من الدماغ، وعلى حسب هذا الجزء يكون نوع التشنج، فمثلا لو كان هذا النشاط الكهربائي في منطقة اليد اليمنى ترتجف اليد اليمنى، ولو كان في منطقة الكلام يفقد المصاب القدرة على الكلام. لو كان في منطقة الإحساس يفقد المريض القدرة على الإحساس في المنطقة المصابة سواء في اليد أو الرجل أو الوجه. وذكرت استشارية طب المخ والأعصاب والصرع واضطرابات النوم، أن حدوث هذه التشنجات يكون عادة لفترة قصيرة جداً تتراوح بين ثواني إلى دقيقتين، وقد لا يصاحبها فقدان في الوعي وتسمى بالتشنجات الجزئية البسيطة، أما إذا صاحب التشنجات فقدان الوعي فإن هذا النوع من التشنجات يسمى بالتشنجات الجزئية المركبة. وعن الأنواع الأخرى من الصرع أفادت بامقدم، أن هناك نوعاً يكثر عند الأطفال والمراهقين يسمى صرع السرحان وهو من أنواع الصرع العام ويتميز بحدوث سرحان الطفل لثواني معدودة ، مما يصعب في كثير من الأحيان على الأهل ملاحظته وعادة يتم ملاحظته من قبل المدرسين والمدرسات إذ يشتكون للأهل بأن طفلهم أو طفلتهم كثيرة السرحان في الفصل، لافتة إلى نوع آخر هو الصرع العضلي الإرتجاجي، والصرع الخشبي (التصلب). وأكدت الدكتورة بامقدم ، أن داء الصرع يصيب 1-2 في المائة من جميع الفئات العمرية في المملكة، وأن 60.70 في المائة من مصابي الصرع وخصوصاً عند الأطفال لا يوجد لديهم سبب واضح للتشنجات، موضحة أن البعض الآخر قد يكون نتيجة لأمراض في الدماغ أو أمراض أخرى في الجسم (خارج الدماغ). وأرجعت الدكتورة فوزية بامقدم، أسباب الإصابة بداء الصرع إلى أمراض الدماغ، كالتهاب الدماغ، التهاب أغشية الدماغ (السحايا ) الحمى الشوكية، نزيف في فصل من فصوص الدماغ، جلطة في الدماغ، ضربة قوية على الرأس أدت إلى فقدان الوعي لأكثر من نصف ساعة، تشوهات خلقية في الأوعية الدموية للدماغ، تقيحات في الدماغ، تشوهات خلقية في خلايا الدماغ، أورام في الدماغ، ونقص الأكسجين عن الأطفال حديثي الولادة أثناء الولادة. وزادت: هناك أسباب لداء الصرع نتيجة أمراض في الجسم (خارج الدماغ)، كانخفاض سكر الدم، نقص الأكسجين وتروية الدماغ، اضطراب في أملاح الدم مثل الصوديوم، أمراض الكلى والكبد، تناول الكحول والمسكرات، تناول المخدرات، تناول جرعات سامة من بعض الأدوية، تناول أو استنشاق مواد سامة، والاختناق بغاز أول أكسيد الكربون الناتج عن احتراق الحطب. وحول تشخيص داء الصرع بينت الدكتورة فوزية بامقدم، أنه يعتمد على تاريخ مفصل ودقيق للمرض من قبل المريض وأهل المريض، ثم تأتي في الدرجة الثانية الفحوصات الداعمة للتشخيص مثل: تخطيط الدماغ الكهربائي والذي يجري عادة في وحدات متخصصة بواسطة فريق متخصص من الأطباء والفنيين، وأضافت: أثناء مدة الاختبار يرصد النشاط الكهربائي للدماغ ومن ذلك قد نتمكن من معرفة الموضع (الفص) الذي يصدر منه النشاط الزائد في كهربية الدماغ، وأشعة الرنين المغناطيسي للدماغ. وتحاليل الدم، لاستبعاد أي نقص في أملاح أو سكر الدم، أو تعب في الكلى أو الكبد. وقالت: بعد تشخيص الطبيب المختص لنوع الصرع يتم وصف الدواء الذي يناسب نوع النوبات والتشنجات وذلك للسيطرة عليها بإذن الله، علماً بأن هذه الأدوية لا تؤدي إلى الإدمان، ولكن تعيد نشاط الدماغ الكهربائي إلى حالته الطبيعية بشرط أن ينتظم المصاب على استخدام الدواء كما وصف له، وبذلك يتفادى المريض حدوث المضاعفات، لافتة إلى أنه في حالة عدم الانتظام بمواعيد الدواء وعدم أتباع نصائح الطبيب المعالج فإن ذلك يعرض المريض لعدة مضاعفات منها: تكرار التشنجات وزيادة عددها وبالتالي صعوبة السيطرة عليها، تطور التشنجات إلى حالة أسوأ تسمى: حالة صرع مستمر. من جهته، دعا الشيخ عبد المحسن الأحمد إلى الأخذ بالأسباب المعينة على الشفاء كالرقية الشرعية مؤكدا أن العلاج الطبي لا يتعارض مع التداوي بالقرآن، مطالبا المرضى بأخذ الأدوية الطبية مع الاستعانة بالرقية الشرعية.