(82)قال الله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172الاعراف) أشارت هذه الآية الكريمة إلى توجيهين تربويين مهمين هما : وحدة الإنسانية وعدم التمايز إلا بالتقوى ، والمحافظة على سلامة الفطرة البشرية ، وفيما يلي عرض للتوجيه الأول: - أولاً: وحدة الإنسانية وعدم التمايز إلا بالتقوى تُقرر الآية الكريمة بوضوح مبدأ وحدة الإنسانية ، بأن جميع البشر من نسل آدم عليه السلام، ولا فرق بين عربي وعجمي ، و بين أبيض وأسود إلا بالتقوى ، قال تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) الحجرات: 13.وقد أكد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في حجة الوداع في خطبته المشهورة، فقال: (يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي ، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود ، ولا أسود على أحمر، إلا بالتقوى ، أبلغت ؟ قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال: أي يوم هذا؟ قالوا: يوم حرام ، ثم قال : أي شهر هذا؟ قال: شهر حرام، ثم قال: أي بلد هذا؟ قالوا بلد حرام، قال: فإن الله قد حرم بينكم دماءكم ، وأموالكم ، قال: ولا أدري ، قال: أو أعراضكم ، أم لا ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، أبلغت؟ قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: ليبلغ الشاهد الغائب) مسند الإمام أحمد ، مسند الأنصار ، حديث رقم : (22391).وإن ما يشاهد اليوم من تمييز مقيت في البلاد غير الاسلامية في اللون والجنس والمعتقد ، فلا تثريب عليهم في ذلك، لجهلهم وبعدهم عن توجيهات الاسلام السامية، أما أن يكون التمييز داخل بلاد الاسلام ، فهذا ما يأباه العقل السليم والفطرة السوية ، وتؤكد على رفضه توجيهات الشارع الحكيم، فعن المعرور بن سويد، قال : لقيت أبا ذر (رضي الله عنه) بالربذة ، وعليه حُلة، وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك ، فقال: إني ساببت رجلاً فعيرته بأمه ، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : يا أبا ذر أعيرته بأمه ؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، اخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده ، فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ، ولا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم (صحيح البخاري حديث رقم : 30 : كتاب: الايمان، باب : المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك).هذا وسيتم في المقال القادم بإذن الله تعالى استكمال هذا التوجيه وعرض التوجيه الثاني وهو المحافظة على سلامة الفطرة البشرية. مدير عام فرع وزارة الشؤون الاسلامية بمنطقة مكة المكرمة