نوه المفكر الإسلامي والداعية المعروف سلمان بن فهد العودة المشرف على (موقع الإسلام اليوم) بالنجاح الكبير الذي تحقق خلال حج هذا العام وبالجهود الكبيرة التي صاحبته معتبرا الانسيابية والانضباط والتنظيم شامة بارزة في النجاح. جاء ذلك خلال حديثه عبر قناة (إم بي سي) الفضائية في برنامج (الحياة كلمة). حيث قال العودة: علينا أن نهنئ أنفسنا ، ونهنئ الجميع بنجاح حج هذا الموسم ، وكل من سهروا من كبار وصغار ومسؤولين وغير مسؤولين ، وكل من كان له مساهمة ولو بالنية الطيبة والتمني بالنجاح في هذا العام. وأوضح فضيلته: سمعنا من أفواه الحجاج الكثير مما فيه إشادة بهذا الموسم ، وأن حجم النجاح فيه أكثر من أي عام مضى ، مضيفاً: إنه بقدر ما نشيد بهذا النجاح ، ونعتبره جزءاً من الطموح والأمل والتطلع ، الذي يعفينا من أن تكون لغتنا دائماً هي لغة الإشفاق ، أو لغة التشاؤم؛ لأن هناك إمكانية كبيرة أن تتحسن الأمور نحو الأفضل. وأضاف: هذا الموسم ليس فخراً للسعودية فحسب ، أو حتى لفئة معينة ، أو جنس معين ، إنما هو فخر للجنس البشري كله ، وعلى وجه الخصوص الأمة الإسلامية ، وهو أعظم دعاية نقدمها لهذا الدين؛ إذ مئات القنوات ، الأوروبية ، والأمريكية ، واليابانية ، والصينية ، التي تنقل هذا الموسم بكامله ، أو تنقل مقاطع منه. واضاف العودة: أن الانسيابية والانضباط والنظافة التي شهدها هذا الموسم ، ساهم في إنجاح موسم الحج ، وتقديمه للعالم كله. ومن هنا أقول: إن الطموح أن يكون كل سعودي ، وكل عربي ، وكل مسلم ، ليس طموحه فقط هو أن يحج أو أن يقرر الحج ، بل طموحه أن يشهد أو يسمع عن موسم من مواسم الحج تحقق فيه قدر من النجاح ، وربما يكون الإعلام عادة ما يتحدث عن نجاحات مبكرة ، حتى قبل أن يتم الموسم ، لكن أفواه المشاهدين والحاضرين للموسم ، توحي بأن هذا العام كان عاماً متميزاً. وأشاد العودة بما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز: (يجب ألاّ نتحدث عن أنفسنا بلغة الرضا إلتام) ، وقال الدكتور العودة: قد قلنا نفس الكلام في السابق ونكرره الآن؛ حينما نقول الموسم ناجح بكل المقاييس ، فليس معنى ذلك أننا نبرمج أنفسنا على عدم التطوير في العام القادم ، بينما الواقع يفترض أن يكون النجاح الذي تحقق حافزاً لنا لأن نفكر في العام القادم والذي بعده بمستويات أعلى ، ليكون الموسم أكثر نجاحاً ، ليس فقط من جهة تلافي بعض المشكلات التي عادة ما تحدث من الزحام ، وإنما لجهة تحقيق المزيد من النجاحات ، وتحقيق المزيد من الأهداف والطموحات التي يحملها هذا الموسم العظيم. فرصة للتوحد وتعقيباً على مداخلة من أحد المشاركين في البرنامج يثني على الجهود الكبيرة للحكومة السعودية ، في إنجاح موسم الحج.. قال الشيخ سلمان: هذه شهادة نعتز بها وذكرني بقول الله تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً) ، وقوله سبحانه (جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ) ، فهذا معنى الشعار ، قياماً للناس ، وجود ، حضور ، حياة ، فهذا من المعاني التي يجب أن تحيا ، وأنا أؤكد على أن وجود مكة والكعبة والحرم ، وكذلك المدينةالمنورة ، في هذه البلاد الطاهرة ، نعمة من الله سبحانه وتعالى واختيار ، وأنه تبعة ومسؤولية في الوقت ذاته ، ومن هنا يتوجب علينا حكاماً ، ملاكاً لوسائل الإعلام ، وحتى عامة ، والعسكر ، والمسؤولين ، على كل شؤون الحج ، أن يكونوا في الذروة العليا في التعامل مع الناس ، في الأخلاق ، في الصبر ، وهذا ليس من السهل أن يتحقق من خلال كلمة ، أو توجيه ، وإنما هذا يتطلب أن يكون هناك دورات ومناشط وجهود ، بل مؤسسات متخصصة في الرقي بمستوى الأداء في الحج. ولفت العودة إلى تجاهل بعض القنوات التي تحسب على الإسلام نقل مشاعر الحج في وقت يتحدث فيه كثير عن التقريب ووحدة الأمة ، وقال العودة: اطلعت على عدد من وسائل الإعلام ، فوجدت أنها جلها مشغولة بنقل الشعائر ، شعائر الحج ، والنقل مباشر في الغالب ويكون موحداً ، ثم وجدت أن هناك قنوات ، قد تكون قنوات ذات طابع ديني في الغالب ، ولكنها طوائف أخرى من المسلمين ، فوجدت أنها لا تنقل مناسك الحج؛ لأننا نسمع كلاماً كثيراً عن التقارب وعن الوحدة ، وعن التوحيد ، والنقل الآن ، هو نقل لمشاعر ونقل المناسك ، ولتعبيرات الناس ، وأظن أنه من المناسب جداً أن تكون هذه فرصة لأن تتوحد وسائل الإعلام المختلفة ، أياً كانت ألوانها أو انتماءاتها الحزبية أو الطائفية في وجود قدر من النقل ، يربط المسلمين بهذا الموسم ، خاصة أن هذا الموسم ، موسم يجتمع فيه حجاج المسلمين جميعاً ، ليس فيه تفريق بين طائفة وطائفة ، فالكل يؤدي موسم الحج سواء بسواء. مدرسة .. الملايين وتعقيباً على أن أمير منطقة مكةالمكرمة قال إن ثمة تحسينات تنتظر أيضاً ، وستكون في السنة القادمة إن شاء الله..... قال الشيخ سلمان: هذا شيء جميل ، كما أن التحسين ضرورة ، مثلاً تشغيل قطارات لخدمة الحجاج والتي جرى الحديث عنها العام الماضي ستكون نقلة ، وإن كان لنا أن نحلم ، فدعنا نحلم بأن يكون الحج فرصة فعلاً للتدريب. أنا مثلاً بحكم أن معايشتي دائماً هي لفئة خاصة ، هم على شاكلتي ، لم أتعود لوناً آخر ، لكن لو فرض أن الحج يتوجب عليّ بموجب نيتي له ، أن أترك سيارتي خارج المناسك ، وأن أدخل ضمن مجموعة في هذه القطارات ، وأنتظم ، مثل ما اضطر إلى الانتظام إذا سافرت مثلاً إلى بلد أجنبي هذا نظامه ، وتجد الناس قد عرفوا بتحركات القطارات ، ومنطلقاتها ومواقفها ، وأصبحت الملايين من الناس تتجول في الأحياء أو غيرها بكثير من الانسيابية والراحة والمعرفة. وأضاف فضيلته: أعتقد أنه لن يكون موسم حج ناجحاً فقط ، بل سيكون الحاج الذي يخرج فعلاً اضطر إلى أن يتعلم ثقافة جديدة من خلال الحج ، حتى من خلال الطرقات والتنقل ، والاندماج مع الآخرين الذين يعرفهم والذين لا يعرفهم.. والتكيف مع الأشياء المختلفة عما عهده ، فضلاً عن المطاف ، المسعى ، المرمى ، الوقوف بعرفة ، الوقوف بمنى ، المبيت بمزدلفة ، هذا سوف يكون فعلاً مدرسة حقيقية يتعلم منها الملايين. حملة تصاريح وتعقيباً على مداخلة تقول: إنه من الأشياء اللافتة للنظر في حج هذا العام أيضاً ، التصاريح الخاصة بالحج ، مما يؤكد على أن الناس تؤثر فيهم دائماً الحملة الإعلامية ، إذا كانت واضحة الهدف؛ فقد كان هنا حملة إعلامية واضحة أن الدخول للحج هو بتصاريح ، ولذلك قل عدد الحجاج بسبب هذه الحملة ، والمقصود ليس حجاج الداخل فقط ، واللافت للنظر أنه لم يكن هناك تدقيق في التصاريح. أوضح الشيخ سلمان أنه إذا لم يكن لدي معرفة بعدد الحجيج فلن أكون ناجحاً في التخطيط لحج عام معين ، مؤكداً أن النجاح هنا مرهون بانضباط الحجيج وفق التصاريح الموجودة.. لافتاً إلى أن الذي يحدث كل سنة هو أن هناك استثناءات كبيرة جداً ، ومع وجود نوع من التأكيد حتى فتاوى من عدد من العلماء ، بألا يحج أحد إلاّ بتصريح ، إلاّ أنه في الواقع لم يرجع أحد ، ولعل هذا العام حصل شيء من ذلك ، وأعتقد أن الحملة الإعلامية ، أدت دورها. وذكر فضيلته: كنت قبل يومين مع بعض الأخوة وقلت لهم: إذا لم يكن عدد الحجيج معروفاً ولو على سبيل التقريب ، فمعنى ذلك أننا لا نستطيع إطلاقاً أن نخطط للحج بشكل جيد.. إذا لم نكن نعرف عدد الذين سيقفون بعرفة أو يبيتون بمزدلفة أو يطوفون أو يرمون الجمار ، معنى ذلك أننا لا نستطيع أن نخطط؛ لأن أول أبجديات التخطيط أن تكون عارفاً بالعدد التقريبي ، حتى لو كان عندك عزيمة في بيتك ، والحجاج وفد الله كما جاء. تخطيط مسبق وأكد العودة على أهمية أن يكون هناك تخطيط مسبق لحج العام القادم ، وذلك لتقليص عدد من يحجون بدون تصريح ، وعلى سبيل المثال ، لاحظت في سنوات مضت تراكم السيارات بشكل كبير ، بحيث تمتد السيارات لكيلو مترات طوابير أمام مراكز التفتيش ، لماذا؟ لأنها مراكز محدودة ، سواء من جهة جدة أو من جهة الطائف أو غيرها ، بينما يجب أن ندقق ، ولو بنسبة معينة في التصاريح ، كذلك علينا أن نكثر من أعداد المراكز التي تستقبل الحجاج وتفوجهم ، بحيث يكون هناك انسيابية وسرعة تعامل ، وأيضاً مطالبة الباصات وغيرها بأن تعلق (استيكرات) تدل على نوعية الحجيج الموجودين وعددهم وأرقام تصاريحهم.. أعتقد أن هذا سيكون مفيداً. وأضاف فضيلته: ربما ما حدث أيضاً من تقلص عدد الحجاج بدون تصاريح هذا العام يمكن أن نعزو جزءاً منه أيضاً إلى وجود ثقافة عند الناس ، حتى نكون أيضاً متفائلين ، فقد يكون كثير من الناس مع الحديث المستفيض ، والتأكيد على ألاّ يحج أحد إلاّ بتصريح ، أصبح عندهم نوع من الإحساس بالمسؤولية وثقافة تجعلهم لا يذهبون ، ليس فقط لأنه يخاف أن يرجع من الحج ، لكن أصبح عنده إدراك أنه يترك موقعه لغيره ، أو أن له أجراً في البقاء.. في هذا المكان ، ما دام قد حج وأدى المناسك من قبل ، وربما حج أعواماً كثيرة. حملات الحج .. عائق وتعقيباً على مداخلة من أحد المشاركين في البرنامج يقول: من الضروري أن يُنظّم الحج بتصاريح ، لكنه يرى أنه يجب عدم ربط التصاريح بحملات الحج ، لأن الحملات عالية التكلفة خاصة فيما يتعلق بحجاج الداخل ، وبالذات لمن يحج معه ذووه ، فهذا من شأنه أن يكون عائقاً على الانتظام بذلك. قال العودة: إن مسألة القدرة على دفع قيمة الحج ، هذا أيضاً داخل ضمن (من استطاع إليه سبيلاً). وأرى أنه يجب أن يراعى الاعتدال في مسألة تكاليف حملات الداخل ، وقد جرى فيه كلام ، وتحدثت فيه عدد من وسائل الإعلام ، وأنا أتمنى أنه بعد هذا الموسم ، أن يكون هناك ورشة عمل ، يجتمع فيها المسؤولون عن الحملات الرئيسة ، ومسؤولون من الجهات المختلفة ، المختصة ، جهة الحج والتجارة وغيرها ، وأن يكون هناك تدارس واتفاق على مستويات معينة للحملات وتكاليفها ، بحيث لا تكون الحملات باهظة جداً يعجز الناس عنها ، وفي الوقت ذاته يكون مبلغ معقولاً ، يمكّن الحملات من أن تقدم خدمات جيدة ، للحجيج.