لا جدال أن فوز (باراك اوباما) برئاسة الولاياتالمتحدة جاء وبوضوح شديد ليؤكد ما نادى به الرئيس الامريكي رقم (16) في عام (1860) بأنه لا يمكن للنظام السياسي الأمريكي أن يقوم والمجتمع الامريكي نصفه (عبيد) ونصفه (أحرار). كانت هذه البداية التي حمل لواءها الرئيس الامريكي عام (1860) وقاد حملته ضد العبودية والاتجاه الى الاندماج الكامل بين أفراد المجتمع الامريكي في بوتقة الانصهار الوطني الامريكي يُنتج (مواطناً) امريكياً له حقوقه وعليه واجباته لترقى أمريكا الى مستوى دولة راقية. ذلك الحلم الذي راود (ابراهام لينكولن) بالقاء الرق وابعاده العنصرية اللونية والعرقية وحمل لواءها طوال رحلة (148) عاماً تحقق تنفيذه عام 2008م باختيار (اوباما) رئيساً لامريكا فكانت لحظة تاريخية مُفعمة بالأمل فخرجت الولاياتالمتحدة على العالم أجمع باحتفالها بحدث سياسي تطويري وهو تحقيق أهداف مسيرة الانصهار الوطني الامريكي. من هذا المنطلق جاء نجاح (باراك اوباما) ليقول للعالم انه لا يمكن لاحد أن يصنع الحاضر والمستقبل دون ان تكون لديه ذاكرة لحفظ التاريخ عن رحلة طويلة مرت بمنعطفات عنيفة ولكنها قطعت الطريق على جماعات وقوى مناهضة لما نادى به الرئيس (ابراهام لينكولن) فكانت رحلة مليئة بالسجلات، والوثائق، والأرقام، والنتائج، تحكي ما جرى في عهد ابراهام لينكولن، ونكشف أن فوز (باراك اوباما) انما هو تحقيق لحلم الامريكيين. لذلك فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية تتحدث عن نفسها بأن التغيير هدفها وتؤكد مصداقية التاريخ الذي رفض الانتساب الى العبودية والعنصرية والانتماء للوطن الذي هو اقوى من الأعاصير، لان التاريخ هو خير مُعلم وخير مرشد وخير شاهد وبذلك فان الشعب الامريكي كما شاهدنا ولاحظنا اثناء الحملة الانتخابية رفض التهييج والاثارة التي تقود الى تفكيك الوطن وتدميره بدون وعي، واستخدام العقل لتأكيد الانتساب للوطن اولاً وآخراً. وهذا الذي تحقق وشاهدناه في الحملة الانتخابية وفوز (باراك اوباما) انما هو توافق أمريكي كامل بكل طوائفه انتج حصاداً باهراً في عالم الاندماج والانصهار الوطني الذي تسعى اليه جميع الشعوب من اجل استقرارها، والذي يتطلب اقصى درجات الصدق مع النفس وكسر حاجز انعدام الثقة في كل النفوس. بكل الموضوعية والصدق أقول إن أمريكا الآن تتحدث عن نفسها وعن الانجاز الذي حققته الانتخابات الاخيرة لربط البداية مع النهاية من (ابراهام لينكولن) (1860) الى (باراك أوباما) (2008م) لرحلة شاقة مرت بمراحل تبنى، وخطوات تُجمع، ومؤسسات تحمي أدت الى كتابة الفصل الأخير للتمييز على أساس العرق واللون، وقدمت نموذجاً للمواطن الأمريكي الجديد في القرن (21). هكذا كانت الصورة الكلية للمشهد الانتخابي الأخير فقد عكست اللحظة التاريخية الراهنة لحظة ربط البداية من عام 1860 حيث نادى (ابراهيم لينكولن) بالغاء العبودية من أجل الاندماج الوطني، بالنهاية في عام 2008م حيث حقق فوز باراك اوباما الحلم الأمريكي في الانصهار الوطني للشعب الأمريكي ككل، انها فعلاً ثبتت قواعد بناء الأمة الأمريكية الحديثة في عصر العولمة فبزغ عنه المواطنة السليمة حيث مارس الفرد من خلالها حقوقه المدنية والقانونية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية في الانتخابات الامريكية الأخيرة وانجاح (باراك اوباما) بالرئاسة الامريكية.