كل المؤشرات باتت تدل على أن الساحة السياسية التركية ستكون أكثر التهاباً في الفترة المقبلة فالقرار الذي توصلت اليه المحكمة الدستورية في تركيا بقبول الدعوى التي رفعها المدعى العام ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم مطالباً فيه المحكمة بحظر الحزب بدعوى ضلوعه في أنشطة وصفها بانها معادية للعلمانية ومطالباً فيها كذلك بمنع رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان والرئيس عبدالله غل ضمن 71 من مسؤولي الحزب الحاكم، هذا القرار من الممكن ان يعلن ايذاناً بانطلاق مواجهة كبرى على الساحة التركية. والمؤشر الخطير في قبول هذه الدعوة ان قضاة المحكمة الدستورية قرروا بالاجماع قبول الدعوة، مما يعني ان حزب العدالة والتنمية والذي حقق تقدماً في كافة المجالات في تركيا يصطدم الآن بعقبة القضاء الذي قد يرى في نهاية الأمر وهذا هو الأرجح ان حزب العدالة والتنمية فعلاً يسعى لهدم الدستور وان اعضاءه ليسوا مؤهلين على هذا القياس بقيادة البلاد. اذن بموجب قرار المحكمة الدستورية ستنطلق محاكمة حزب العدالة والتنمية والنتيجة كما اشرنا محسومة سلفاً حل حزب العدالة وتجميد نشاط الأعضاء البارزين فيه وادخال الساحة السياسية التركية في نفق الاضطراب من جديد. ولكن حل حزب العدالة لا يعني قفل الطريق أمام ظهور حزب جديد على أنقاضه ويحمل مبادئه حيث ان حزب العدالة نفسه كان بديلاً لحزب الرفاة بزعامة اربكان والذي هو بنفس التجربة. والعلة الأساسية لهذه المعضلة المزمنة ان العلمانيين فقدوا تأييدهم في الشارع التركي ولم يعد لهم زخماً يمنحهم تأييداً مقبولاً في البرلمان. وإذا ما عاد حزب إسلامي جديد باسم آخر فسوف يحقق الأغلبية إن لم تكن أغلبية مطلقة فهي ستكون اغلبية تحول دون انفراد العلمانيين بالحكم. وستظل تركيا في هذه الدائرة الخبيثة ما لم ترض بالخيار الديمقراطي اما حكم تيار إسلامي أو انقلاب يدبر عسكرياً أو من دوائر القضاء.