سنوات طويلة .. وأجيال وأجيال .. والزي (الرجالي) في بلادنا واحد لا يتغير .. ولا يتبدل .. وكنا دائماً نضع رجلاً على رجل .. ونملأ وجوهنا بالابتسامات الساخرة ونحن نقول: حكاية أزياء (النساء) حكاية طويلة على خلافنا نحن (الرجال) فالثوب .. والغترة .. وحتى الاحذية .. كما هي لا تتغير .. ولا تتبدل..!! وكانت النساء يستمعن إلى ما يقوله الرجال ويؤكدن: طبعاً الأناقة .. واختراع الأزياء أشكال وألوان .. هي مسألة (حريمية) 100%!!. وفجأة .. بدأ الثوب الرجالي يدخل عالم التغيير بدءاً من (قصة الثوب نفسه في التفصيل) ومروراً ب(الياقة) و(الكبك) وهي بداية لم تسكن طويلاً حتى تحركت بجنون وأصبحنا نشاهد (التطريز) في الثياب أشكالاً وألواناً .. وبعد أن كانت الأقمشة الرجالي لا تتعدى (الدوبلين .. واللاس .. وفخر الموجود) أصبحنا نرى مئات الأقمشة وأصبحت الأسعار تتأرجح بين مائة ريال للثوب الواحد والألفين .. والثلاثة .. والأربعة .. للثوب الواحد أيضاً!!. وبدلاً من عشر دقائق كان الواحد منا يقف فيها أمام الخياط لأخذ المقاسات وحسب .. أصبح الناس أو بعضهم يقضون الساعات في محلات الخياطة لاختيار الأقمشة .. ونوع التطريز .. وشكله .. والتعرف على كل ألوان الجديد في خياطة الثياب!!. أما الغتر والأشمغة فحكايتها طويلة .. وأصبحنا في شهر رمضان نشهد موسم تسابق الشركات الكبرى التي تأتي في كل عام بتصميم جديد يفرض عليك أن تقتنيه حتى ولو لم تستعمل الشماغ القديم الا مرتين أو ثلاثاً فعيب أن يرى الناس تصميم العام السابق ولابد أن تجاري الجديد مهما كانت الظروف!!. وقد كان سعر الغترة البيضاء ثلاثين ريالاً وأصبحت اليوم تتراوح ما بين المائة والثلاثمائة وخمسين للغترة الواحدة .. وكان سعر الشماغ الواحد لا يزيد عن الخمسين ريالاً وأصبح يتراوح السعر الآن ما بين المائة والثلاثمائة وخمسين ريالاً .. وهذا التصاعد الاضطراري في أسعار الغتر والأشمغة ينذر بأنها ستصل إلى الألف ريال في القريب العاجل!!. وأصبحت الآن المرأة هي من تضع رجلاً على أخرى وهي تتفرج على سباق الجديد في ملابس الرجال وتقول بالفم المليان: أخيراً .. كلنا في الهوا .. سوى..!!. أما الرجال الذين يرتدون الأقمصة والبنطلونات فان عالمهم أصبح مثيراً وعجيباً وهناك محلات تبيع البنطلون الواحد بثلاثة آلاف وقد تزيد وهناك أقمصه تبلغ أرقاماً خيالية لا تصدق .. حتى (بيجامات النوم) أصبحت بألفين وثلاثة وأربعة .. وقد قلت لأحد أصدقائي مثل هذا فلم يصدق حتى أخذته أسواق جدة ليرى بعينه واقع الحال!!. وقد يقول قائل .. هذا ليس بالمهم .. لأن كل الأسعار متداولة ومطروحة وكل واحد (يمد رجله على قد لحافه) ولكن هذا كان زمان .. اليوم معظم الناس يمدون أرجلهم بدون حساب ولا تحسب ويتكبدون مشاق كثيرة وديون ليس لها آخر .. من أجل أن يكونوا قادرين على مجاراة الأثرياء .. و.. (مافيش حد أحسن من حد)!!. يا أمان الخائفين.. آخر المشوار قال الشاعر: فلا تتوجع أن أصبت بنكبة وصابر بعزم .. فالتجلد أكرم وكل صبور جاهد النفس ظافر فلا تبتئس إن شاب شهدك علقم