سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كفاح مشروع من أجل خير الجموع .. والكلمة الشريفة في خدمة المليك والبلاد والأمة 15 الفاً نقطة تحول .. نقطة عودة إلى مجد قديم .. د.صالح بدوي :
الندوة صاحبة الأسبقية بتحديث الأداء الصافي في الطرح
تعاقب على رئاسة تحريرها مشايخ الأدب والصحافة
تحية للندوة في يومها السعيد الذي نرجو أن تستقبل به عهداً جديداً تستعيد معه ماضياً مجيداً يكاد يفلت منها، ويعفي عليه الزمان.. وهي تسجل اليوم رقم الألف الخامس عشر في تسلسل أعداد إصدارها، متجاوزة في عمر ميلادها باسم حراء (سنة1376ه) عيدها الذهبي بأعوام، أمضتها في سعي دائب و (كفاح مشروع من أجل خير المجموع). مسجلة في تاريخها رصيداً من الريادات والمبادرات والمواقف التي ظلت تنافح من أجلها، وتنهض بالكلمة الشريفة، تخدم بها المليك والبلاد والأمة. تحية وتهنئة ل(الندوة) وللعاملين ومن كان عمل بها يوما. ومن أفضلت هي عليهم بايصال صوتهم من على منبرها والابلاغ برسالة الاصلاح والتطوير والنماء، ومن تخرج في مدرستها من أجيال. أبرز تلك الأوليات أنها كانت من أولى الصحف الخاصة صدوراً في المنطقة (مع مجلة الأضواء وبعد الصحف العريقة أم القرى والبلاد والمدينة المنورة). بعدها تتابع ظهور مجموعة من الصحف والمجلات لتبلغ عند نهاية العقد السبعيني أكثر من ثلاثين مطبوعة. ثم هي في ظل إدارتها القديمة كانت أولى المؤسسات الصحفية امتلاكاً لدارها الطباعية، وأخذها بأسبقية تحديث الأداء الصحفي والتميز في الطرح، عبر ما حققته في مرحلة من مسيرة حياتها من تقديم التغطية الاخبارية السريعة أولاً بأول، مصحوبة بالتعليق والتحليل الدقيق وصورة الحدث، وذلك تهيأ لها حينها من امكانيات استقبال المادة الاخبارية المصورة عبر الوكالات. هذا إلى ما استقطبت من أقلام كبار الكتاب المتخصصين. نشأت أول ما نشأت ابتداء من عهد الأفراد ثم المؤسسات كياناً قوياً فتياً، توافر على إدارتها ورئاسة تحريرها عدد من مشايخ الأدب والصحافة (صالح وأحمد محمد جمال، أحمد السباعي، عبدالله عريف، محمد حسين زيدان، حامد مطاوع واحمد ملائكة .. وتطول القائمة إن لم أقف بها عند حد من شهدت خلال عملي بها. كان هذا تاريخاً أمتد لسنين تالية حافلاً بالمنجز جديراً بالتسجيل.. دخلت بعدها في طور من التنازع على البقاء والانشغال الداخلي.. وكان أول ما أتت عليه بنوها، حتى أخذ الواحد منهم بعد الآخر يتسرب إلى صحف أخرى أو يعتزل العمل. وبدأ الأمر كما لو أن السوق الصحافية لم تعد تستوعبها، غير أن الأمر فيما يبدو لاعلاقة له بأوضاع السوق وقدراته وإنما هو ناتج عن رؤية وأسلوب في اجرائيات العمل قد يفسر بتطامن الطموحات وتواضع التطلعات. كان أول عهدي بالاشتغال الصحفي مصححاً للتجارب الطباعية في أول عهد قيامها مؤسسة، وعلى رأسها المشايخ عبدالله عريف مديراً عاماً للمؤسسة ومحمد حسين زيدان رئيساً للتحرير لفترة لم تطل، وحامد مطاوع مديراً عاماً للإدارة وتولى بعدها الإدارة والتحرير معاً، وكان ماحققته الندوة المؤسسة مما أشرت إليه من منجز ذلك العهد. عملت بعدها محرراً للأخبار المحلية والتحقيقات ثم انقطعت عن العمل بل بالأحرى جرى تنسيقي من العمل مع اربعة من المحررين ضغطاً كما قالوا للمصاريف. وعدت بعد عودتي من البعثة الدراسية للعمل بها محرراً ثقافياً، أعد بمعونة بعض الزملاء العدد الخميس الأسبوعي للجريدة. مابقي اليوم مما احتفظت به الذاكرة من متاعب المهنة، الوقوف تجاه طاولات التوضيب مع الموضب الفني، تفوح من حولنا رائحة الرصاص المذاب من (مكاين) الصف السطري اللينوتايب، تنفيذاً للإخراج النهائي للصفحات. وكان الأمر يقتضي حينها في أول عهد المؤسسات أن تطبع الصفحات الداخلية في مطابع قريش بالبيبان ثم تنقل للسحب الطباعي إلى دار الثقافة بالزاهر. ولفترة كنا نسافر يومياً فرادى أو بصحبة بعض الزملاء إلى جدة حين انتقلت طباعة الجريدة إليها في مطابع العطار. أما زملاء ذلك الزمان فكثر، رحل بعضهم إلى رحمة الله: سباعي عثمان، نعمان طاشكندي، سعود قستي، عبدالله باهيثم، واعتزل آخرون: عبدالله الداري، محمد محمود حافظ، يحيى مطهر، محمد أحمد حساني، فايز حسين، رفقي الطيب وفوزي خياط. ولبعضهم حفظهم الله نشاطات في غيرها. كان جهاز استماع وتلقي الأخبار والتحليلات السياسية والاقتصادية العالمية أكبر أجهزة الجريدة يعمل فيه عدد من خيرة المحررين والمترجمين: عبدالله شاووش، عبدالكريم كابلي، عيسى خليل (سكرتير التحرير)، عامر عبيد وقبلهم عطية واكد، وآخرون ممن تسربت من الذاكرة ذكراهم. وممن زاملت في قسم الأخبار المحلية الأساتذة: سليمان الزايدي، حماد السالمي، مقبول الجهني، زكريا لال، وحسين اليامي (رحمه الله). وإذ كنت اخرج احياناً للتغطية الإخبارية لمناسبة ما محلية فلقد كانت أول تجربة لي هي التي عرفت فيها أن حضور المناسبات قد يسوق إلى تسجيل سبق صحفي أو يؤدي إلى حرق المادة لسبق الغير بنشرها. عدنا ليلتها مرهقين متعبين من رحلة إلى (خليص) وقفنا فيها على المستودع المائي الكبير والتجهيزات المقامة لضخ امدادات المياه إلى جدة.. اتفقنا يومها مع الزملاء مندوبي الصحف على الاستراحة بعد العناء والعمل على نشر التحقيق في اليوم بعد التالي.. حين عدت إلى مقر الجريدة كدت اركن إلى ما أخذت به على نفسي، لولا أن زميلاً لي من (قدامى الممارسين) نصح لي بأن الأمور لاتسير على هذا النحو في عالم الأخبار. وكان ذلك كافياً للتغلب على الإرهاق وتجافي النعاس، فأعددت المادة كلها مطولة. كان سهر الليل يمتد احياناً كثيرة إلى ساعات متأخرة بعد منتصفه إما تعديلاً أو إضافة لخبر أو موضوع جدّ فيه جديد، أو انتظاراً لتفاصيل سترد في الرسالة الإخبارية من المناطق يأتي بها مندوب الجريدة من مطار جدة التبلي برنتز كان للأخبار العالمية، ولم يكن التلفون يسعف كثيراً في التفاصيل ونقل الصور والرسائل كما الحال اليوم. ما أشد ما اختلفت عليه الأمور اليوم، وما أسرع ما آلت اليه.