في اطلالته المعتادة ليوم الاربعاء 13 رجب 1429ه بعنوان (ثم ماذا)؟! أثنى الدكتور الاكاديمي والاعلامي القدير عبدالمحسن هلال على النخب الطيبة من الرجال الذين يضمهم مجلس الشورى الموقر، واكد على أنهم من خيرة ما انجبت بلادنا (علماً وفكراً وثقافة وخبرة في كل فن) ونحسبهم كذلك إن شاء الله تعالى، ويشيد الدكتور بالكثير من انجازات هذا المجلس، ويركز على أهمها ويقول : (لعل من أهم انجازات مجلس الشورى (استضافته) لعدد من الوزراء والمسئولين تحت قبته لسؤالهم عن تقصير وزاراتهم واداراتهم وليس مهماً، تحت اي مسمى تتم هذه الاستضافة، مساءلة كانت او استدعاء، أو استجواباً، أو حتى سحب الثقة!! انما الأهم هو ان هناك جهة تسأل المسئول عن تقصيره في اداء واجبه، وهذه من نعم العهد الجديد علينا، ومن ثمار خطوات (ملك الاصلاح) الجديدة في تطوير العمل الحكومي، التي من ضمنها انشاء جهاز حكومي لقياس اداء الاجهزة الحكومية) وعلى هذه الخطوة الرائدة يعلق الدكتور ويقول : (لو لم يكن حكومياً لهتفت بروعة الفكرة، لأنه سيكون من قبل فيك الخصام.. وأنت الخصم والحكم. ولو لم يكن حكومياً لقلت انه سيدعم عمل مجلس الشورى، إلا انه يبدو ولوقت قد يطول، لا بديل عن مساءلات المجلس). ثم تساءل الدكتور عبدالمحسن هلال .. ثم ماذا بعد؟! ماذا بعد مساءلة الوزير او المسؤول؟! وعرض بهذه المناسبة مثالاً عن مساءلة وزير الصحة، عن تدني مستوى الخدمات الصحية بالرغم من ضخامة حج ميزانية الوزارة ونظراً لضخامة مسؤولية وزارة الصحة في ملامسة أوجاع جميع المواطنين ولتقصيرها البين في ذلك، حتى بات المريض يتسول سريراً، والمراجع يستجدي ميعاداً أقرب، جاء تساؤل مجلس الشورى في محله عن التباين بين (ضخامة الميزانية وتدني الخدمة)!! ومعه يظل السؤال قائماً.. ثم ماذا بعد؟!! هل يكفي مجرد السؤال؟! وهل سيكتفي المجلس بسماع التبرير الذي لا يخرج عن كونه نقصا في التموين أو تعثراً لدى المقاول؟! ثم ماذا بعد.. لو تكرر التقصير وزادت المشاكل؟! هل للمجلس الحق في الرفع للمقام السامي لمحاسبة المقصر أو اعفائه او تحذيره؟! اسئلة كثيرة ومقترحات وجيهة ومنطقية طرحها الدكتور كانت محل تداول ونقاشات وتساؤلات في الأوساط الاجتماعية والفكرية، مما ابرز سؤالاً وطنياً جريئاً بل مجموعة اسئلة.. الى متى يظل الصمت والتحرج من محاسبة المسئول سواء كان (وزيراً أو نائباً أو وكيلاً أو مديراً عاماً.. الى آخر القائمة).. عن القصور في جهازه والفساد في ادارته وتبديد المال العام؟! الى متى يمتد التلاعب والتماطل في تنفيذ المشاريع الحيوية التي وضعت لخدمة المواطنين ورفاهيتهم، ورصدت لها الميزانيات الضخمة؟! متى يتم القضاء على ما يسمى بالتنفيذ من الباطن وما يصحبه من اختلاسات وتبديد في المال العام على مرأى ومسمع من المسئول الاول في الجهاز؟! الى متى يظل الصمت على هذا التلاعب بمقدرات المواطنين والاستهتار باحتياجاتهم المشروعة لهم دونما وازع من ضمير أو رادع من قانون؟! وتأتي الاجابة هنا على استحياء من البعض.. سيظل كل ما ذكر قائماً، طالما هناك ما يسمى بالحصانة للمسئول الاول!! الحصانة هذا الدرع الواقي من المحاسبة، والمصطلح، المستورد، والمدسوس من المتربصين باداراتنا النظيفة، ومسئولياتنا النزيهة التي ربينا عليها في ظل التربية الادارية الاسلامية المتوارثة. الحصانة التي سربت الى مجتمعنا بغرض اشاعة الفساد الاداري في الاجهزة الرسمية في المجتمع وتبديد الثروة العامة التي أنعم الله بها على أهل هذه البلاد، والاطاحة بمقدرات الوطن، الحصانة الدخيلة على ثقافتنا وحضارتنا الاسلامية السمحاء وتنظيمنا الاداري الذي لازال يحافظ على مسماه للمنسوبين الذين يتولون القيادات العليا ويتسمنون المناصب الرفيعة ويطلق عليهم (بالمسئولين) ليسوا (المحصنين) فالوزير هو المسئول الاول في الجهاز، يؤدي القسم أمام ولي الأمر ليكون محل الثقة على مسئولياته، اميناً على ميزانيات ومقدرات جهازه، حريصاً على ادائها بالمستوى الذي اؤتمن عليها، والتي تحقق الاهداف العريضة لسياسة الدولة الاقتصادية والاجتماعية والتربوية.. الخ بما ينعكس ايجاباً على حياة المواطنين وامنهم وسلامتهم ورفاهيتهم، فهو مسئول امام ولي الامر اولاً، وامام المواطنين ثانياً، وأمام ضميره ثالثاً.. وقبل ذلك كله امام الخالق العظيم الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم. فالمفترض هم مسئولون اذاً ومحاسبون.. وليسوا محصنين!!. والله أعلم