تحولت المحاضرة التثقيفية التي ألقاها ناصر بن محمد العمري عضو لجنة رعاية الموهوبين بنادي الباحة الأدبي ضمن ملتقى رعاية الموهوبين الصيفي الذي أقامه قسم رعاية الموهوبين بالمخواة إلى ورشة عمل وحلقة نقاش كبيرة عن كيفية الارتقاء بالموهبة ودور الموهوب تجاه موهبته وآمال وطموحات الموهوبين ورؤاهم فيما يقدم لهم من خدمات ومايأملونه من الجهات الراعية لمواهبهم وكان المحاضر قد تمنى في بداية المحاضرة لو أنه يعود طالباً على مقاعد الدراسة وتتاح له فرصة التعرف على استراتيجيات ومهارات التفكير لأنه وجيله حرموا من هذا العلم كما يقول ثم بعد ذلك تطرق إلى أن هذا التوجه الذي تتبناه الوزارة هو توجه ترعاه وتدعمه رعاية حكيمة من ولاة الأمر ممايعني أن على الموهوبين شكر الله على هذه النعمة العظيمة التي أتاحتها لهم هذه الدولة وأكد على أن التعلم وفق هذه الاستراتيجيات كفيل بتغيير حياة الشخص وإضاءة مناطق مظلمة في زوايا تفكيره ورفع قدرته على التعامل مع مختلف الظروف بأسلوب يرتهن إلى العلمية. وشدد على أن هذا الواقع يلقي على عاتق الموهوب مسؤولية كبيرة تجاه ولاة أمره ووطنه بأن يردوا الجميل لهذا الكيان بإسهامهم في بنائه وأن يكونوا عنواناً للوفاء تجاه الوطن والقادة الذين أتاحوا لهم فرصة التعرض لخبرات مثل هذه البرامج. بعد ذلك طلب المحاضر من المشاركين تشكيل فرق عمل وتحديد مقرر ورئيس لكل مجموعة لتحديد أهم مايجب على الموهوب القيام به تجاه مواهبه وعن أهم مايمكن تقديمه لخلق واقع مختلف لأصحاب المواهب وبلورة مجتمع خلاق للموهوبين من وجهة نظرهم فكانت المشاركات تحمل في طياتها أفكاراً إبداعية منها (بناء مدن للموهوبين)وإقامة أولمبياد للموهوبين على غرار الأولمبياد الرياضي لكي تستفز الطاقات الفكرية كما هو الحال في المجال الرياضي الذي تستفز فيه الطاقات الجسدية من أجل الفوز. وقد تطرق المحاضر إلى أن هناك (مسابقات تجري في الكثير من الدول ويطالب المشاركون فيها بالبحث عن حلول لمشاكل عويصة مثل (تثبيت بناية من 600طابق أو زراعة قاع البحر أو حتى بناء محطة فضائية ضخمة) وأضاف أن الغرض من هذه المنافسات ليس إيجاد حلول معقولة أو عملية بقدر ماتهدف تلك المنافسات إلى تعويد التلاميذ على التفكير الخلاق وتوسيع موهبة التخيل لديهم. كما شدد على أهمية القراءة للموهوب واعتبرها أحد اهم مقومات نجاح الموهوب وتفوقه وخص منها القراءة في سيرة العظماء والموهوبين للتعرف على أنماط حياتهم وما اعترض طريقهم من صعوبات وكيف أن الصبر كان سلاحهم الأقوى في التغلب على معوقات كانت كفيلة بانسحابهم من مسرح الحياة وقراءة تلك السير تعلمنا البصيرة والحكمة ووصفها بالوقود الذي يشعل جذوة الحماس في النفوس ويغذيها بالأمل والصبر بعد ذلك تطرق العمري إلى أن أكبر مشاكل الموهوبين وهي الوقت وكيفية إدارته بشكل سليم في ظل وجود الكثير من المبددات وفي ظل ماهو سائد من عدم الوعي بأهمية الوقت وخشي من أن تنسحب هذه الثقافة على فئة الموهوبين وهم يعيشون في وسط مجتمع لايعي أفراده الوعي بقيمة الوقت ووصف المجتمع الذي لايعي تلك القيمة بالمجتمع الذي لامستقبل له والموهوب الذي لايعي قيمة وقته ستختفي مواهبه رويدا رويدا وشدد على أنه إذا ما أردنا أن نفهم شعبا ما فعلينا أن ننظر ونعرف قيمة الزمن عندهم مشيرا إلى أن العالم اليوم يتحدث عن الفيمتو ثانية لا عن الثانية ونحن مازلنا نرى الدقيقة زمناً قليلا جدا فيما ينظر لها غيرنا بعين الأهمية وربط العمري بين قيمة الوقت والحفاظ عليه والاهتمام به وبين وارتفاع المستوى الاقتصادي الذي يشكل أداة من أهم أدوات القوة في زمننا الحاضر والذي يوصف بزمن الاقتصاد والغلبة فيه للأقوى اقتصادا وأشار إلى أن من الحكم الاقتصادية التي ظهرت مؤخراً (أسرع الشعوب أغناها) وتساءل عن (سرعتنا مقارنة بغيرنا)وضرب مثلاً بدول شرق آسيا وعرج على دراسة أجراها أستاذ غربي كبير عمل في جامعة مجاورة فلاحظ التأخر اليومي كظاهرة في أوساط الطلاب الجامعيين وسمى تلك الدراسة الزمن الاجتماعي وأودع نتائجه في كتاب أسماه (جغرافيا الزمن) ووضع ثلاثة مؤشرات لسرعة الحياة تضم ثلاثة مقاييس. المقياس الأول متوسط سرعة المشي لمجموعة من المشاة لمسافة 60قدماً والمقياس الثاني الزمن الذي يستغرقه عدد من موظفي البريد لإنجاز طلب عادي لفرد من الجمهور والمقياس الثالث: قياس الاهتمام بالزمن كما تبينه الساعات في الأماكن العامة كالبنوك مثلاً. ثم تطرق إلى مصطلحات (إلحاح الوقت) (الإحساس بالزمن) (زمن الساعة) و(زمن الحدث) وأفاض في تفصيل كل مصطلح منها مؤكداً أن المطلوب من الموهوبين الإلمام بهذه المصطلحات والتفاعل مع ماتعنيه ومحاولة إيجاد أجواء وممارسات يخلقها الموهوب لنفسه تمكنه من أن يتعامل مع تلك المصطلحات من منظور ثقافي وفكري يتناسب ومكانة الموهوب وماننتظره منه اؤكد على أن القادة والموهوبين والمؤثرين والعظماء لايفكرون كثيراً في الحصول على إجازات وأشار إلى أن من يركن إلى الكسل والدعة هو في طريقه السريع لقتل مواهبه لأن الموهوبين يفكرون بعقلية القائد لا عقلية العامل الذي ينتظر أوقات الراحة على حساب الأداء. بعد ذلك استعرض العمري صورا من الاهتمام بالموهوبين في بعض الدول وأشار إلى وجود منافسات مختلفة في كل دول العالم مثل (أمريكا التي لديها مهرجان سنوي للأطفال يقدمون من خلاله مخترعاتهم وحلولهم لمشاكل قائمة) ويستقبل المتحف الوطني هناك كل عام مخترعات يقدمها أطفال صغار في السن أما في اليابان فتحرص الشركات فيها على شراء مبتكرات الأطفال كنوع من التشجيع مثل شراء إحدى الشركات عصا تمنع الانزلاق اخترعها طفل لوالدته التي تعاني تصلب الشرايين وشراء شركة سوارتو فرشاة لايسيل منها الدهان اخترعتها طفلة تدعى (شنشل) بعد أن رأت دهان السقف يسقط على والدها ودعم شركة بولارويد لمؤسسية طوكيو للمواهب الشابة بأجهزة حديثة تقدر قيمتها بمليون دولار وتعهد شركة (نيونو ) بشراء اختراعات الأطفال أقل من عشر سنوات بسعر أعلى من أي شركة أخرى ورأى فيها محاولات جادة لتهيئة الفرص لظهور مواهب شابة وتمنى لو كان لدينا مثل هذه المبادرات من أجل هذه المواهب التي ننتظرها لتغير معالم ووجه واقعنا بإذن الله. وقد شهدت المداخلات (مواهب خلاقة في الإلقاء حيث ألقى الطالب حسن الزبيدي قصيدة جميلة ضمنها ثناؤه على المحاضر الذي تتلمذ على يديه كما يقول عندما كان مديرا لمدرسة الأمير سلطان فيما كان هو طالبافي الصف الأول المتوسطة كما أبدى الطالب عبدالمجيد جمعان الغامدي شكره للأستاذ ناصر لكونه أول من اكتشف موهبته وعمل على إلحاقه ببرامج الموهوبين وثمن له هذه الخطوة. بعد ذلك ناقش المحاضر مع المشاركين أهمية إيجاد (بنك للأفكار واتباع استراتيجية من شأنها حفز أصحاب الرؤى الخلاقة ومبادرتهم بتقديم أفكارهم لرعاية المواهب المختلفة)وكان من ضمنها مقترحات بإيجاد خطوط هواتف وعناوين إلكترونية ومواقع إلكترونية وإصدار تعليمي على مستوى المنطقة تستقطب الموهوبين وأفكارهم ويقومون هم بإدارتها بأنفسهم و تحت إشراف مباشر من قبل تلك الجهات وفي ذات الوقت تتيح للراغبين في إيصال أفكارهم للجهات الراعية للموهوبين سواء على مستوى إدارة التربية والتعليم أو على مستوى الأندية الأدبية أو غيرها من المؤسسات الأخرى التي تعنى بالموهبة كما تمنوا وجود مراكز لاستطلاع الآراء ترصد آراءهم وتتيح للجهات التي ترعى مواهبهم فرصة رصد تلك الآراء ووصول المقترحات لتلك الجهات ورأوا في هذا التوجه وسيلة علمية ترتقي بالمقدم لهم من الخدمات المختلفة.