لقد اصبحت الشبكات العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي من المؤثرات القوية المؤثرة على الشخصية ذاتيا واجتماعيا وخلقيا واقتصاديا حيث ان كثيرا من بني البشر في ظل الاضطرابات الامنية والاجتماعية والنفسية قداصبحت هذه الشبكات ملجأ للكثير من الشباب وغيرهم للبعد عن المهاترات والاشكاليات بل بالامكان تكوين الذات والاستفادة من هذه الشبكات .أوضحت بعض الدراسات التي نشرت مؤخراً أن مواقع التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك" و"تويتر" و"ماي سبيس" وغيرها باتت موطناً لحب الذات عند البعض، بينما هي عند شريحة كبرى من المراهقين والشباب تقديراً للذات وثقة بالنفس ومعرفتها ، وفي الوقت الذي تمثل العلاقات الاجتماعية المباشرة على مدى قرون المقياس الرئيس لتعزيز ثقة الإنسان بنفسه وتقدير ذاته، باتت الآن هذه العلاقةعلى مهب الريح. كما ان هناك شرائح من المتعاملين مع هذه المواقع من هذه الخاصية على نوعين، “فالبشر شخصيات مختلفة من حيث التفكير والمفهوم والمضمون والعقل والتكوين والروح، لهذا كل شخص تختلف طريقته في كسبه المعرفة والعلم والثقة والتطور، بتتبع نوعين من الشخصيات تتدرج خلالها درجات الشخصيات الأخرى، وهما: الشخصية المتميزة والتي لديها الكثير من المفاهيم والمتعارفة على كيفية التعامل والفهم والقناعة والشخصية السطحية التي تنظر من خلال مقتنيات قليلة وبسيطة وغير موضوعية او انها تنظر بطريقة سازجة. ومن خلال القناعة والمتابع لما يجري على هذه المواقع الاجتماعية تجد ما يشبه الدستور لهاتين الشخصيتين، مبتدئة بالشخصية المتميزة التي تدور حول أن جميع برامج التواصل الاجتماعي الإلكتروني عبارة عن الخطوة الأولى لتتعلم كيف تتواصل اجتماعياً واخلاقيا وسلوكيا ، ومن خلالها يتعلم المرء كيف يكون الحوار والنقاش مع مختلف الشخصيات والمستويات الاجتماعية والعمرية واختيار الألفاظ أيضا، ويتعلم كيف يكسب احترام وتقدير الآخرين، ويكتسب الثقة بالنفس عند حصوله على التقدير والاحترام، والحرية في الحوار، فهذه المواقع الإلكترونية للتواصل الاجتماعي تمثل مكاناً لتحصيل المعرفة والثقافة وتنمية الذات، والتعرف على ردة فعل الآخرين وكيفية التعامل معهم، وهي وسيلة مناسبة أيضاً لتطوير الذات حتى يتمكن الفرد من التفاعل والتعامل مع مختلف شرائح المجتمع. كما أن المواقع الاجتماعية تمنح الفرد الفرصة لاكتساب الثقافة والمعرفة، والقدرة على التواصل مع الآخرين والتمكن من اكتساب تقديرهم، والمكاسب التي يحققها الشخص من خلال هذه البرامج تجعل الرغبة لديه شديدة في الفهم واكتساب المعرفة على أرض الواقع، وليس فقط من خلال التواصل الاجتماعي الافتراضي، وهو ما يعني أن اكتساب الثقة بالنفس من خلال هذه المواقع الاجتماعية هو بداية الصعود إلى القمة على أرض الواقع. أما الشخصية السطحية، فتندفع بشدة وبضعف نظر إلى مواقع التواصل الاجتماعي عبر المواصفات والمقاييس المختلفة والتي منها: التسلية واضاعة الوقت ، والحصول على المعلومات التي يريدها، والحوار الذي لا يتضمن هدفا معينا أو الحصول على أشخاص يوافقونه في الرأي، والحصول على التشجيع واستمتاع النفس وتقدير الذات. ومن خلال ذلك يكون صاحب هذه الشخصية شعاره: “أنا موجود ولي رأيي"، وهو شخص لا يهتم بالتفاعل الاجتماعي الحقيقي من حوله، وقد ينسب رأي الآخرين إلى نفسه، ويجعلها بديلة لعلاقاته الاجتماعية الفاشلة. وبناء على هذه الأمور التي قد لا تعتبر نهائية، وقد يكون فيها خلافات من شخص لآخر ومن محلل نفسي إلى آخر، فيمكن للقول بالوصول إلى أن المشكلة ليست في البرامج ولكن في الهدف لكل شخص من استخدام هذه البرامج المخصصة للتواصل الاجتماعي. ومن هذا الطرح، نؤكد أن أغلب الشباب والمستخدمين لهذه المواقع يتخذون من التسلية شعاراً لهم، وهو وإن لم يكن عيباً أو خطأ من وجهة نظري لكنه مضيعة للوقت، مشيرة إلى أن أغلبهم يبحثون عن إثبات وجود، وآخرين يعيشون إحباطات اجتماعية متنوعة. كما أن الكثير من مواقع التواصل هي فعلاً لإظهار وإثبات قدرات الفرد الذي حيدته أو هضمت حقه الكثير من الفعاليات الاجتماعية وغيرها ، فضلا عن الظروف النفسية والأسرية والاجتماعية والاقتصادية وما فيها من عادات وتقاليد سيئة. كما أن في هذا الزمن لم يستطع الناس التقارب مع بعضهم البعض في الواقع، وخاصة في المدن الكبيرة والمتشعبة التي تفتقد تبادل حتى التحية العادية والابتسامة والتعامل الطيب البعيد عن المجاملات، ما يتيح الفرصة للمنخرطين في هذه المواقع الحصول على هذه القيم الاجتماعية المفقودة من هذه المواقع الافتراضية. إن مواقع التواصل أثرت كثيراً على حياة الكثير وبالذات فئة الشباب، وهي أصبحت تأخذ مساحات كبيرة من وقتهم. كما إن تعزيز الإنسان ثقته بنفسه تكون حسب نوعية المشاركة التي يتوج بها صفحاته، فإن كان كاتبا فهو يعزز الثقة من خلال قراءات الكتاب والمحبين لهذا النوع، وإن كان في مجال الصور فسيكون له معجبوه وهكذا، وبذلك يكون التعزيز والتقدير للنفس من الآخرين.