ان من فضل الله سبحانه وتعالى علينا أن جعلنا مجتمعاً اسلامياً ولله الحمد، تحتل القيم والمبادئ الاسلامية في نفوسنا مكانة عالية، وربما تشكل لدينا الدوافع والسلوك التي تتحكم في جميع تصرفاتنا، وذلك ما فرضته علينا البيئة الاجتماعية التي ولدنا ونشأنا وتربينا فيها. فالإنسان وليد بيئته التي نشأ فيها ويكتسب شخصيته منها، اضافة الى العوامل الخارجية التي تحيط بالإنسان وتساهم في تنشئته الاجتماعية وهي العوامل المادية والثقافية والاجتماعية والتربوية والدينية، فجميعها ذات تأثير قوي وإيجابي في تكوين شخصية الفرد. وأنا لا أدعّي بأننا مجتمع ملائكي لا يخطئ، فنحن كغيرنا نحتاج الى التوعية المستمرة لنظل دوماً على الطريق القويم، خاصة مع ظهور العديد من المتغيرات في المجتمع التي ضاعفت من صعوبة التربية الاجتماعية، وعددت مصادر التعلم والتنشئة بالنسبة للفرد، فلم يعد التعلم مقتصراً على البيت والمدرسة فقط، بل أصبح هناك العديد من المصادر التي فرضت نفسها والتي يستقي منها الفرد معلوماته ويبني عليها أفكاره وشخصيته صغيراً كان ام كبيرا، حتى أضحت المسئولية مضاعفة بالنسبه للمعنيين بالتربية اشخاصاً كانوا أم مؤسسات. ومع الاسف فقد استهان البعض في وقتنا الحالي ببعض الامور البسيطة التي فيها إخلال لحرمة المال العام، وهدر لممتلكات ومقدرات البلاد، والتي كانت من أهم مسببات الكم المعلوماتي الهائل وتعدد مصادره، هذه الامور البسيطة قد تتفاقم وتكبر وتشكل خطراً على قيمنا ومبادئنا لو تم التغاضي عنها واعتبارها من توافه الامور. فلقد أضحت مسؤولية تعزيز قيم النزاهة وتعميق مفهوم الامانة واجباً محتماً وضرورة يجب القيام بها من قبل جميع فئات المجتمع وشرائحه، وليس فقط من واجبات جهة محددة أو هيئة معينة كالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، فهي مسؤولية مشتركة بين الجميع أفراداً ومؤسسات، فهناك على سبيل المثال أئمة المساجد الذين أعتقد انهم لا يولون هذا الجانب الاهتمام الكافي، فالعلماء والدعاة وخطباء المنابر يتحملون جزءاً كبيرا من المسئولية في المجتمع ، فهم أولى الناس بالإرشاد والتوجيه انطلاقا من مكانتهم العلمية والشرعية في المجتمع ، ويمكن أن يؤدوا دورا كبيرا في مكافحة العادات الدخيلة التي تؤدي الى الفساد، وتعزيز قيم النزاهة، والتأكيد على خطورة الإفساد في الأرض، ونصح المخالفين، والتحذير من عواقب الاختلاس والسرقة والنهب في الدنيا والآخرة، وتحريض الضمير على أن يبقى حياً خائفاً من العواقب ، وملتزماً بالنظام، وأن لا يأخذ مالاً ليس له فيه وجه حق، كما أن للعلماء دورا مهماً في تسليط الضوء على كل ما يتعلق بالفساد، والتعريف بمفاهيمه وأنماطه، واستراتيجيات مكافحته، وإبراز دور التشريعات في الحد من انتشاره، وكشف آثاره الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.