الشمس تشرق وبشعاعها ووهجها تضيء الكون لسويعات ثم تغيب. والليل يآتي منادياً لخير النفس المؤمنة والموحدة لتستغفر وتناجى بارئها ومعشوقها ليدنيها منه ، فهو ربها الرحيم والنديم ليمنحها سؤلها وعوزها وهنيئاً لمن يحيي ليله بمناجاة مالك الملك يصلي ويدعوه ويسأله رحمته والعفو وان يتقبل منه دعاءه ورجاءه. يليه النهار وما يحتويه من سبل الرزق. وتمضي الشهور تتعاقب ولكن يتخللها شهر مميز ينتظره كل المؤمنين فأيامه معدودات شاملة الخير والرحمة والمغفرة والجزاء لمن قضى ليالي وأيام هذا الشهر الكريم متقرباً لخالقه العليم بحاله وهو الفقير والمعدم متذللاً يطلبه الفردوس الأعلى. فالمولى الوهاب والودود والحكيم شاء وخلق وقدر كونا شاسعاً لا يعلم مداه أو مبتداه وآخره إلا الله وحده وفضاء رحب يحتوي على كواكب ونجوم وسماء وأرض. كل هذه المخلوقات تخضع لعظمة ربي ذي الجلال والاكرام وكلهم مسيرون بأمره وسبحانه أنعم وأجزل على عبيده وهم أفضل نشأته فسخر ومنحهم الحياة والعيش فيها وأغدق عليهم بأفاضل الرزق والاحسان ليعبدوه ويشكروه ويكونوا له آناما مؤمنين ومسلمين وركعاً سجوداً وأرسل لهم أفضل أنبيائه ورسله شفيع الأمة حبيب الرحمن النبي والرسول الصفي المختار محمد صلى الله عليه وسلم ليخرجهم من الظلمات إلى النور ومن الجهل وعبادة الاوثان لطاعات الله الحميد وليحق الحق ويدحر الباطن فصلى الله عليه وسلم لم يترك خيراً إلا ودل أمته عليه وأرشدهم إليه. قال عليه الصلاة والسلام (من صام رمضان ايماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه , ومن قام ليلة القدر ايماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) ليلة القدر ليلة عظيمة أنزل فيها القرآن وتعدل ثواب وأجر ألف شهر يقضيها العابد في طاعة مولاه ليلة وحدها تساوي ما مجموعه ثلاثون ألف ليلة خالصة للإله العظيم. ويكرم الله بها العباد التائبين والصائمين شهر رمضان المبارك , وبرحمته سبحانه وتعالى تصفد الشياطين وفرض على المسلمين صيام هذا الشهر وفتحت لهم أبواب السماء وغلقت أبواب الجحيم ودعوا أجمعين لفعل الخيرات فيه تراهم خاشعين يعبدون العزيز مطمئنين لاجئين له ومكثرين من الذكر والتسبيح والتهليل والتقرب بالصدقة والأعمال الصالحة والجود والعطف على الفقراء والمساكين والضعفاء توددا لربهم وطمعاً في الصفح عنهم وولوجهم جنته هي فرص ليزدادوا ايماناً بربهم وتوجهاً وتفرغاً وإقبالاً لعبادته أهم هذه الفرص (ليالي العشر الأواخر من رمضان ينشغلون ويقبلون في هذه الليالي المباركات على الصلاة والدعاء والتوسل والتقرب إلى الله ويتحرون فيها ليلة القدر فسبحانه وتعالى لم يظهرها أو يعلم بها احداً من الخلائق أن موعدها رحمة منه بعباده ليمنحهم من طيب عفوه وجوده فيحرصون ويسعون على نيل وادراك ليلة القدر وذلك بقيام كل ليالي العشر الاخيرة من رمضان مقتدين بسنة نبيهم وحبيبهم عليه افضل الصلاة والسلام كما قالت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها (ان النبي صلى الله عليه وسلم اذا دخلت العشر الآواخر من رمضان شد المئزر واحيا لياليها وايقظ أهله) اللهم بلغنا اياها آمين.