أكد معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ أن كل علم في الشريعة الإسلامية مأخوذ من كتاب الله جل وعلا ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أي العلم المحمود الذي أثنى الله على أهله، وأثنى عليهم رسوله صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين...) وقال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع “نظر الله امرء سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها فربما مبلغ أوعى من سامع” فدلت الآية ودل الحديث على أصل نقل العلم، ونقل السنة بالرواية، وكذلك التفقه في الدين في نص القرآن الكريم، ونص السنة النبوية الكريمة. وقال معاليه: إن إحياء السنن بالاهتمام بكتب السنة، والعلم، وفقه السنة، والنقل في ذلك والمعرفة في كيفية التعامل مع كتب السنة مطلب مهم وكان هذا من أهم ما كان يعتني به أهل العلم قديماً وحديثاً، ولذلك نشكر الله، جل وعلا أن هيأ هذه الدورة العلمية المتخصصة في السنة النبوية وما سيليها من دورات إن شاء الله تعالى. جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ محاضرة بعنوان (مدخل إلى قراءة كتب الحديث) مساء الجمعة الثالث والعشرين من جمادى الآخرة الجاري 1429ه عقب صلاة المغرب بجامع إمام الدعوة في حي النسيم شرق مدينة الرياض، في مستهل الدورة العلمية المتخصصة في السنة النبوية الأولى التي تنظمها الجمعية السعودية للسنة وعلومها بالتعاون مع مركز الدعوة والإرشاد بالرياض في ذات الجامع وتستمر حتى التاسع والعشرين من ذات الشهر. وأبان أن هذه الدورات المتخصصة التي ترفع الهمم للاعتناء بالسنة والحديث في وقت ربما اعتنى الناس بالعقليات، وتركوا النقل، والعلم نقل محقق عن أهله، لهذا كان من المهم لطلاب العلم أن يعتنوا بمثل هذه الدورات المتخصصة لأجل فائدتها، ولبعث الهمة في إحياء السنة في النفوس أولاً بمعرفتها والعلم بها، ثم التفقه في دين الله جل وعلا بعامة. وأفاد الشيخ صالح آل الشيخ أن الحديث والسنة لفظان يكثر ورودهما فمن قائل إن الحديث أوسع من السنة لفظاً ومحتوى، ومن قائل إن السنة أوسع في محتواها وموضوعاتها ومدلولاتها.. والحديث حينما نقول علم الحديث فإنه عند أهله المتحققين به يعنون به ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه أو عن التابعين أو عن تابعيهم من الآثار والأخبار، والأحاديث المنقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم وآثار الصحابة والتابعين ومع التابعين تجدها منقولة في كتب الحديث. وأشار معاليه في هذا الصدد إلى ان لفظ الحديث يشمل كل ما نقل عن هؤلاء في جميع أبواب العلم، ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم في التفسير، ويشمل أيضاً ما نقل عن الصحابة رضوان الله عليهم، وما نقل عن التابعين وتبع التابعين، لذلك توجد في كتب السنة والحديث، الحديث المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو الأكثر وربما وجدت الأثر عن الصحابي أو الخير عن التابعي وتبع التابعي، وهذا يدل علىأن لفظ الحديث الذي له كتبه الخاصة به يشمل المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعين وتبع التابعين من الآثار والأخبار في فنون العلم المختلفة. واسترسل معاليه قائلاً: أما السنة فهي الطريقة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن تبعهم بإحسان ولذلك فإن لفظ الحديث يظهر منه النقل ولفظ السنة يظهر منها الاقتداء، مبيناً أن موضوع المحاضرة وهو المدخل إلى قراءة كتب الحديث يعني به كتب الحديث التي يحرص طالب العلم على العناية بها لأجل العناية بعلم الحديث بخصوصه، مشيراً إلى أن هناك كتباً كثيرة ألفت باسم السنة ويعني بها المعتقد، وهذه متنوعة كثيرة كالسنة للإمام أحمد، والسنة لعبدالله بن الإمام أحمد، والسنة للخلال، والسنة لابن أبيداود، والسنة للطبراني، سنن كثيرة ويعنون بكتاب السنة العقيدة أي عقيدة أهل السنة والجماعة وهذا لا يدخل في موضوعنا اليوم. وأفاد معاليه أن الحديث نقل، كان النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم بالكلمة، ويفعل الفعل، أو يقر بإقرار، أو يوافق أو يوجه وهذا كله يسمعه الصحابة ويرونه وينقلونه ولذلك فإن ما نقل في كتب الحديث يشمل أقوال النبي صلى الله عليه وسلم ويشمل أفعاله، ويشمل تقريراته عليه الصلاة والسلام وهذه كلها مشتملة عليها كتب الحديث من حيث الموضوع العام، مشيراً معاليه إلى أن الصحابة تناقلوا ذلك، ونقلوه إلى من بعدهم ثم التابعون نقلوه إلى من بعدهم. ولفت معاليه الأنظار إلى أن الأحاديث والسنة النبوية بدأ تدوينهما في عهد الخليفة عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه موضحاً أن تدوين وجمع الأحاديث النبوية بشكل علمي مسند ومبوب فإن أول من انتدب نفسه إلى ذلك الإمام ابن شهاب الزهري رحمه الله وبعده في القرن الثاني الهجري بدأ الناس يكتبون الحديث وكانت أول كتابته على هيئة أحاديث سرد يعني على هيئة مسانيد يجمع الحديث مسند غير مبوب ثم دخلوا في التبويب شيئاً في ذلك ومن أوائل من بوبه ونظمه الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة، فكتب (الموطأ) لأنه وطأ العلم فيه، سهل العلم فيه فهو أفضل كتاب فقه السنة في العبادات والأخلاق وما يلي ذلك من الأحكام الفقهية العامة حيث اشتمل (الموطأ) على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم المرفوعة ثم أحاديث مرسلة، ثم أقوال الصحابة موقوفة ثم بعض المقاطع عن التابعين في ذلك. وخلص معاليه إلي القول: إن ابتداء التدوين، تدوين العلم على هيئة فقه مبوب عند الإمام مالك رحمه الله وعلى هيئة مسانيد موجود ومنتشر وكثير، ففي المسانيد التي يروي فيها الحديث مسنداً تنوعت كتب الحديث في ذلك كثيرة وأكبر الأسانيد الموجودة بين أيدينا (مسند الإمام أحمد بن حنبل) وهذا المسند فيه نحو من (30 إلى 40 ألف حديث)، مشيراً معاليه إلى أن المسانيد كثيرة جداً، واختلفت نظرة أهل الحديث في ترتيب المساند في أشياء شتى مختلفة. وأسهب معاليه في الحديث عن تطور كتابه الحديث، وكتب الحديث على هيئة نقل مبوب فيه الفقه، وهذا ظهر في عدد من المصنفات ولكن أكبرها وأشهرها وأحظاها بالعنايةهو صحيح البخاري رحمه الله تعالى الذي تدين له لأمة الفضل والمعرفة والعلم حيث جمع لها صحيح كلام النبي صلى الله عليه وسلم في كتابه (الجامع الصحيح) والبخاري في هذا الكتاب أراد جمع الحديث الصحيح بحسب الشروط التي وضعها لنفسه يعني كيفية الحكم بالصحة على ما اختاره من الأحاديث، قال رحمه الله “ما وضعت حديثاً في مصنفي الجامع إلا ركعت قبله ركعتين” وفي هذا الكتاب العلم الكثير الذي لا يستغنى عنه البتة، مشيراً إلى الأمة أجمعت على أن ما في صحيح البخاري صحيح. وأفاد معاليه أن أول الكتب الستة هو صحيح البخاري، ثم يليه صحيح مسلم، ثم سنن أبي داود، ثم جامع الترمذي، ثم سنن النسائي، ثم سنن ابن ماجة، وهذه الكتب متشابهة لأنها مبوبة وتبويبها العلمي يعين طالب العلم على التفقه، متحدثاً عن كل منهم على حدة والفروقات عين منهج كل مسلم في كتابه وخصوصاً بين كتابي البخاري ومسلم، (الجامع الصحيح). وفي ختام محاضرته، سأل معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ: الله جل وعلا أن يجعلنا جميعا ممن من الله عليهم بالفقه في الدين وباتباع سيد المرسلين وجعلنا الله ممن يحشر تحت لوائه يوم لا ينفع مال ولا بنون ونضر الله أوجهنا جميعاً نظر الله وجه القائل ووجه السامع ووجه الحاضر يوم لقائنا ربنا جل وعلا انه سبحانه جواد كريم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد. بعد ذلك أجاب معاليه على الأسئلة التي طرحت من قبل الحاضرين حول المحاضرة.