عندما يحل يوم السادس والعشرين من شهر جمادى الآخرة من كل عام، نقف مع مناسبة غالية وعزيزة على نفوسنا جميعاً، ألا وهي مناسبة البيعة المباركة لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (يحفظه الله)؛ وهي مناسبة تستدعي الكثير من المعاني النبيلة والتقاليد الأصيلة التي تتجذَّر في أعماق أبناء هذه البلاد قيادة وشعباً. ولعل أول معنى تستدعيه ذكرى البيعة هو ذلك الحب الصادق الذي يكنّه سيدي خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله لجميع أبناء الشعب السعودي الكريم، وهم يبادلونه مشاعر الحب والوفاء، وهو ما درج عليه أبناء هذه البلاد المباركة منذ عهد المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز ( طيَّب الله ثراه) مروراً بعهود أبنائه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد رحمهم الله جميعاً وصولاً لهذا العهد الميمون الذي نعيش فيه أسرةً واحدةً يجمعها الحب والوفاء وصدق الانتماء لا فرق فيها بين الشعب والقيادة، فكلهم نسيجٌ واحدٌ ومنبت واحد. كما تستدعي البيعة معنى آخر يتميز به أبناء هذه البلاد، وهو أن الأيادي التي امتدت لتبايع سيدي خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله قائداً لهذه البلاد، هي نفس الأيادي التي تشاركه (أيّده الله) كلٌ من موقعه وفي مجاله حمل الأمانة وتحمُّل المسؤولية، وتسهم معه بالنصح المخلص، والعمل الجاد، والتفاني في أداء الواجب في دفع المملكة نحو المزيد من التطور والارتقاء؛ فالبلاد لا تتقدم ولا تزدهر بجهود وإخلاص قادتها، ما لم يساندهم ويؤازرهم أبناء الوطن كافة؛ وتفخر المملكة بأنها سطَّرت هذه الحقيقة على صفحات التاريخ المعاصر منذ أن تبوأت موقعها على خريطة العالم، فلم يكن لمؤسِّس هذه البلاد جلالة الملك عبدالعزيز طيَّب الله ثراه أن يحقق ما حققه من ملحمة التوحيد، ويرسي قواعد بناء دولة حديثة في ظروف دولية وإقليمية مضطربة، إلا بعد أن التف حوله شعبه الوفي، وسانده وأيَّده لتحقيق حلم الوحدة وإقامة الدولة على أرض الواقع، بالجهد المخلص، والعمل الدؤوب، وهم مَن يجب أن يحافظ على هذه الوحدة من منطلق إحساس الجميع بالمسؤولية الفعلية واستشعار دور المواطنة الحقة التي تبقي هذه الدولة راسخة متمسكة بأساسها ونهجها القويم المستمد من كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم-؛ كذلك لم يكن لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله أن ينجز ما أنجزه، وأن يتجاوز بالمملكة ما تعرّضت له من تحديات سياسية وأمنية واقتصادية، لو لم يكن محاطاً بثقة ومحبة شعبه، مدعوماً بتعاونه ومشاركته بالإخلاص في العمل، والجدية في الأداء، والحرص على مصالح الوطن واستقراره وازدهاره. ومثلما تستدعى مناسبة البيعة إلى الأذهان محبة الشعب ووفائه، ومؤازرته وإخلاصه، فإنها تستحضر في الوقت نفسه إنجاز القائد وبناءه، وعطاءه للوطن وأبنائه؛ فمع تولي سيدي خادم الحرمين الشريفين (يحفظه الله) مقاليد الحكم انطلقت خطوات التنمية مسرعة في جميع المجالات: التعليمية، والصحية، والاجتماعية، والصناعية، والأمنية ... وغيرها، ومازالت تمضي لتحقق تطلعات قيادتنا الرشيدة في البناء والتطور، وفي كل يوم نحن على موعد مع مشاريع جديدة تهدف إلى توفير سبل الحياة الكريمة للمواطن أينما كان، مما يؤكد أنها تبادل شعبها الحب بالحب، والوفاء بالوفاء، والعطاء بالعطاء. ويشرفني باسمي وباسم منسوبي الحرس الوطني كافة أن أجدّد العهد والولاء الصادق لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله ، سائلين المولى - جلت قدرته - أن يمد في عمره ويلبسه ثياب الصحة والسلامة، وأن يديم على بلادنا الحبيبة أمنها ورخاءها واستقرارها، في ظل قيادته الرشيدة، وسمو سيدي ولي عهده الأمين - يحفظهما الله -.