نظمت الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه “ تبيان “امس الملتقى التنسيقي الأول للمؤسسات العاملة في خدمة القرآن الكريم في المملكة وذلك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بحضور سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ بهدف تنسيق الجهود المبذولة في خدمة القرآن الكريم بمشاركة أكثر من(150) مؤسسة قرآنية. وبدئ الحفل المعد لهذه المناسبة بآيات من القرآن الكريم , ثم ألقى رئيس مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه الدكتور محمد بن سريع السريع كلمةً أوضح فيها أن مجموع من ينتسبون إلى الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في المملكة يزيد على الثمانمائة ألف طالب وطالبة فيما تحتضن العاصمة الرياض مائة واثنين وستين ألفِ طالبً وطالبة , مفاخراً بما تحضى به المملكة من أقسام علمية ومؤسسات ومراكز متخصصة في القرآن الكريم وبمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف والعديد من القنوات الفضائية والإذاعات المتخصصة في نقل القرآن الكريم صوتاً وصورة ويستقبل أثير بثها الملايين في القارات الست. وبيّن أن فكرة الملتقى جاءت للمشاركة في رفع مستوى التعاون والتكامل بين المؤسسات القرآنية لاستثمار الجهود وتبادل الخبرات والإفادة من التجارب الناجحة عبر مشروع يرقى بالهدف القرآني ويؤسس له ويهدف إلى تقديم رؤية القرآن للحياة والأحياء ويقدم منهجه في حل مشكلات العصر والتعاطي مع مستجداته. بعد ذلك استعرض فيلم تعريفي عن نشأة الجمعية وإنجازاتها وهدفها في جمع المتخصصين والمهتمين بالدراسات القرآنية في جمعية عملية متخصصة للارتقاء بالأداء المهني لهم. عقب ذلك ألقى الأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الدكتور محمد بن سالم العوفي كلمة الجهات المشاركة أشاد فيها بعناية المملكة بالقرآن الكريم الكبيرة , ومؤكداً أنها تجلّت في مجال التربية والتعليم وإنشاء الكليات والأقسام المتخصصة في القرآن الكريم في الجامعات وفي المجال الإعلامي وفي الجمعيات الخيرية لتعليم القرآن المنتشرة حلقها في أنحاء المملكة بالإضافة إلى تنظيم المسابقات المحلية والدولية في حفظ القرآن الكريم وتلاوته وعلى رأس أبرز مظاهر العناية بالقرآن تتجلى في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف. وأوضح أن إنشاء جمعية علمية سعودية تعنى بالقرآن وعلومه في جامعة الإمام من المآثر الجليلة لهذه البلاد بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - , عاداً الملتقى ترجمةً صادقة لجهود الجمعية وتحقيق أهدافها للتعريف بجهود المملكة في خدمة القرآن الكريم والتعريف بجهود الجمعيات والمؤسسات العاملة في خدمة القرآن الكريم ولتنسيق جهودها ورفع كفاءة العاملين فيها وغيرها من أهداف الملتقى. وأعرب عن أمله بأن يحقق الملتقى للمشاركين فيه نتائج مفيدة في أعمالهم الخيرة في خدمة القرآن الكريم وعلومه , داعياً لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهد الأمين أن يجزيهم خير الجزاء على ما يقدمانه من خدمة ودعم وتشجيع للقائمين على خدمة كتاب الله من هيئات ومؤسسات , وأن يحفظ هذه البلاد من كيد الكائدين وحسد الحاسدين. عقب ذلك ألقى إمام وخطيب المسجد الحرام عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس كلمة أعضاء الشرف عدّ خلالها الملتقى فتحاً قرآنياً جديداً وعملاً إسلامياً فريداً ونقلةً نوعية في مجال خدمة القرآن الكريم وعلومه. وقال “إن الحاجة الماسة للقرآن الكريم تأتي في هذه الحقبة التاريخية العصيبة لأن العالم يعيش الفتن والقلائل ويحيا على كثير من الزعازع والمحن الثواقل , مضيفاً “ أن كتاب الله أوثق شافعٍ وأغنى غناء واهبا متفضلا وخير جليس لا يمل حديثه وترداده يزداد فيه تجملا , إن كتاب الله يهدي لأقوم سبيل وأهدى طريق وهو الملاذ عند الفتن والمنقذ من المصائب والمحن , أكرم بقومٍ أكرموا القرآن وهبوا له الأرواح والأبدان قومٌ قد اختار الإله قلوبهم لتصير من غرس الهدى بستاناً , زرعت حروف النور بين شفاهم فتضوعت مسكاً يفيض بيانا “. ودعا المسلمين عامةً وحملة كتاب الله خاصه إلى تدبر آيات القرآن الكريم وأن يستلهموا ما فيها من العبر والعظات وأن يقفوا عند مقاصد هذا الكتاب العظيم والآيات المعجزات , مبيناً أن مثل هذه الملتقيات تأتي استشعاراً بأهمية التنسيق والتكامل بين المؤسسات العاملة في خدمة القرآن الكريم وتقديم رؤى علمية ومبادرات عملية لدفع عجلة التطوير في العمل القرآني في المملكة من خلال العمل على استقطاب الجهات المختصة والقطاعات الحكومية المعنية بالشأن لقرآن الكريم وتقديم الرؤى والمبادرات المتميزة في قالب علمي موضوعي بما يحقق أهداف الملتقى ويلبي تطلعات المجتمع والأمة. وشدد الشيخ السديس على ضرورة استمرار التنسيق بصفة دورية منتظمة بين المؤسسات والهيئات التي تهتم بالقرآن وعلومه , وعلى نشر المزيد من القنوات المتخصصة الإعلامية للقرآن الكريم وعلومه , واستثمار الشبكات المعلوماتية والاتصال الاجتماعي في خدمة القرآن وعلومه , والعمل على توحيد الجهود المبذولة لخدمة القرآن لتؤتي ثمارها ودعم التطوير في مجال العمل القرآني والعمل على إيجاد مشروعات علمية تعنى بالقرآن , والاضطلاع بمشروع الموسوعة القرآنية الكبرى , والعمل على وجود ميثاق شرف تنسيقي تكاملي تعاوني بين الجهات العاملة لخدمة القرآن الكريم ومؤسساته , واقتراح وجود مجلس أعلى أو هيئة عليا للعناية بالقرآن, والعمل على إيجاد جيل قرآني متخصص. ثم ألقى سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ كلمةً قال فيها “ لا شك أن عناية المسلم بالقرآن الكريم أمر واضح جلي فالمسلمون منذ شرفهم الله بهذا القرآن الكريم الذي جعله سبب عزة الأمة , فالعناية بكتاب الله والاهتمام به من كمال الإيمان به وبأنه كتاب الله وآخر كتبه الجامع لكل معانيها المحق للحق والمبطل للباطل, مشيراً إلى أن الأمة المسلمة تلقفت هذا القرآن وعملت به وطبقته فجمعوه بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم في عهد الصديق ثم في عهد عثمان عنايةً بهذا القرآن وتهتم بشأنه وخوفاً عليه من أن تعبث به أيدي العابثين وأن هذه العناية من الصحابة بالقرآن جاءت لعلمهم بعظم شأنه “. وأوضح سماحته أنه منذ مايقارب الخمسين عاماً نشأت الجمعيات الخيرية المنتشرة في مدن المملكة, مبيناً أن هذه الجمعيات أثمرت ثماراً يانعة وأنتجت خيرا كثيرا وتربى فيها مجموعة من شباب الأمة الذين حفظوا هذا القرآن وأمّو به المساجد وعلموا وعملوا به. وبيّن أن انتشار الجمعيات في سائر مساجد بلادنا نعمة عظيمة , مؤكداً أنه يجب أن يكون لها نظراً لانتشارها وتنوعها هيئة تنسيقية عليا تعتني بهذه الحلق والجمعيات وتبحث تأخرها وتقدمها ونتائج أعمالها وغيرها من أوجه التنسيق والتكامل, تنسيقاً مؤسسياً. بعد ذلك قال معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سليمان بن عبدالله ابا لخيل خلال كلمته “ إن هذه مناسبة عظيمة نلتقي من خلالها من أجل تحقيق هدف نبيل وغاية سامية كلها في أحوالها وتحولاتها ومطالبها تعنى بخدمة كتابة الله عز وجل وتجلي كل أمر يحتاجه العاملون في المؤسسات العاملة في خدمة القرآن الكريم لتتضح المعاني وتبين الطريق والمنهج ويكون العمل سليماً ووفق رؤى وخططاً استراتيجية مدروسة بعيداً عن الاجتهاد والتفرد في الآراء. وأبرز جهود الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه في خدمة القرآن الكريم من خلال هذا الملتقى , مشيراً إلى أن الجامعة تستلهم هذا العمل من رسالتها وتحقيق أهدافها التي أنشأت من أجلها في العناية بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم منذ نشأتها وتخريج طلاب العلم من جميع التخصصات في الجامعة بدعم ولاة الأمر - حفظهم الله - في كل مافيها من كليات وأقسام في هذه الجامعة. وحثّ أهل القرآن الكريم وحفظته على أن يسهموا في تفعيل ما يدعمه ولاة الأمر خدمةً لكتاب الله وسنة نبيه بحكمة وبصيرة وروية يحتاجها الناس اليوم أشد الحاجة لتثبيتهم وبيان الحق لهم ودرء الشرور والفتن والمفاسد عنهم , مؤكداً أن من تربى على القرآن إقراءاً وتلاوةً وحفظاً وفهماً لمعانيه ومقاصده فأنه سيكون سدّاً منيعاً ودرعاً واقياً في مواجهة أرباب الفتنة والفساد والشر لحماية العقيدة والمنهج السليم. وقال :” إن الملتقى يسعى لأن يكون صورةً حية وعملاً واقعاً ملموساً لتحقيق مبدأ العناية بالقرآن الكريم في جميع مجالاته” مؤكداً أن الجامعة مستعدةً لأن ترعى هيئة عليا تعنى بالتنسيق بين الجهات المهتمة بالقرآن الكريم. بعد ذلك وقّع رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للقرآن الكريم وعلومه الدكتور محمد بن سريع السريع اتفاقيات بين الجمعية والجمعيات والجهات المشاركة العاملة في خدمة القرآن الكريم , كما تم تكريم الجهات المشاركة في الملتقى , حيث قدّمت الجمعية درعا تكريميا لمعالي مدير الجامعة. بعد ذلك افتتح معالي مدير الجامعة الدكتور سليمان أبالخيل المعرض المصاحب الذي يعرض بدوره جهود المؤسسات والجهات العاملة في خدمة القرآن الكريم في المملكة ,فيما بدأت ورشة العمل التدريبية المصاحبه للملتقى.