أكد الشيخ الدكتور عبدالوهاب بن ناصر الطريري أن المناهج التعليمية في المملكة تعاني ضعفاً حادًّا في التعريف بالنبي صلى الله وسلم كما ينبغي، حيث لا يوجد بها إلا أمور يسيرة من السيرة النبوية كعدد الغزوات وعدد الشهداء، أما سيرته العطرة وكيف عاش فأمر ضامر في المناهج. جاء ذلك في محاضرته التي نظمتها الجامعة الإسلامية ضمن برنامجها الثقافي وكانت بعنوان “المحبة النبوية” برعاية معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور محمد العقلا، وبحضور عدد كبير من ذوي الاحتياجات الخاصة من فئة الصمّ حيث تُرجمت لهم المحاضرة بلغة الإشارة، وتفاعلوا مع ما طرح فيها. وبدأ الشيخ الدكتور عبدالوهاب الطريري محاضرته بالإشارة إلى أهمية أن تكون محاضرة المحبة النبوية في المدينة النبوية، وقال: رأيت ألا أتحدث معكم عن الحب النبوي حديثاً تعليميًّا فهذا طريق مطروق كثر الحديث فيه، وإنما أردت أن يكون الحديث عن الحب كعاطفة جميلة نبيلة زكية. وأضاف: حب المسلمين للنبي صلى الله عليه وسلم ليس عاطفة ساذجة لكنها مشاعر تتوغل في القلوب حتى تستقر في أعماقها، ونستشعر ذاك النبي صلى الله عليه وسلم الذي لولاه لكنا فحماً في جهنم والذي لولاه لكنا أمواتاً لا نحيا إلا به، إذ كانت قلوبنا مقفلة إلى أن فتحها النبي صلى الله عليه وسلم، ويحبه المسلمون لأنه أحبّ أمّته وتوجهت مشاعره كلها إليها شفقة على الأمة ورحمة بها. وأكد الطريري أن حب النبي صلى الله عليه وسلم لأمته يسبق كربه وحزنه وألمه، فحينما عاد من الطائف مكروباً انصدعت السماء فنزل جبريل عليه السلام ليقول له: إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وبعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلم عليّ ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربي إليك لتأمرني بأمرك فما شئت؟ إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئًا. وقد رأى صلى الله عليه وسلم أبناءهم يعبدون الله لا يشركون به شيئاً، ففي حجة الوداع كان الذي يبلغ كلام النبي للناس هو ربيعة بن أمية بن خلف، وقد كان أبوه أحد كبار مشركي قريش. وقد سبق حبُّه لأمته حزنَه صلى الله عليه وسلم على وفاة ابنه إبراهيم، فلما كسفت الشمس قام يجرّ رداءه حتى دخل المسجد فصلى صلاة طويلة سمع في سجوده يدعو لأمته ويقول: ربّ ألم تعدني ألا تعذبهم وأنا فيهم، وبذلك غلب حبه لأمته حزنَه وألمه. وكذا الأمر حين شُجَّ جبينه صلى الله عليه وسلم في أُحُد، فقال اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. وأوضح الطريري أن المسلم يحبّ نبيه لأنه أحق بالمحبة، فكل من آمن به أحبه، بل أحبته مظاهر الطبيعة، الصخور الصم والبهائم العجماوات، ولذلك نحن نتقرب إلى الله بهذا الحب ونرجو أن ننال الأجر والمثوبة، ولا يزكو حب النبي صلى الله عليه وسلم إلا بالعيش مع سيرته العطرة، ولذلك كان أعرف الناس بهذا الحب هم الصحابة رضوان الله عليهم، وكان أبو سفيان يقول: ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمدٍ محمدًا.