أكد الأستاذ الدكتور عبد الوهاب بن ناصر الطريري أن منهج النبي في دعوته كان يقوم على التعرف إلى الناس من خلال المساحة الإيجابية عندهم لا بالأخطاء وأضاف لم يعهد عنه أنه ذكر أحدا بمثالبه وعيوبه في الجاهلية مهما بلغت, بل كان ابتهاجه بإسلامه غالبا على كل آثار الجاهلية . جاء ذلك في المحاضرة التي نظمتها الجامعة الإسلامية ضمن برنامجها الثقافي وكانت بعنوان (مع الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته ) وفيها أشار الدكتور الطريري إلى أنه يمكن التعرف على منهج دعوة النبي عليه الصلاة والسلام من خلال ثلاث مشاهد أو قبسات مضيئة من دعوته وحياته نجعلها تحت مجهر مكبر : المشهد الأول: كانت دعوته مدمجة في حياته متشعبة في مناشطه. فلم تكن مقتصرة في دروسه وخطبه, ففي الطريق دعوة, وعلى المائدة دعوة, وفي المسجد دعوة وفي السوق دعوة وعلى بساط العافية دعوة, وعلى فراش الموت دعوة. فقد أخذ مرة في السوق بتيس ميت أجدع أسك وقال من يشتري هذا بدرهم؟ ثم قال: للدنيا أهون على الله من هذا على أحدكم ثم مضى. محاضرة في السوق لم تأخذ بضعة دقائق ومناسب للمقام,ومر به شاب بهي المنظر فأعجب الصحابة به وبقوته فتمنوا أن لو استعمل قوته في سبيل الله فقال النبي إن كان خرج يسعى على أبوين شيخين فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى على صبية صغار فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى لحفظ ماء وجهه فهو في سبيل الله. فانظر كيف وظف إعجاب الصحابة بفوَّة ذلك الشاب.وسرد على مائدة الطعام حديث الشفاعة الطعام لما رأى ذلك مناسبا. ولم يترك الدعوة حتى في مرض موته, فقال: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا, بل كان يذرف آخر أنفاسه وهو يدعو ويقول: الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم. المشهد الثاني: كانت دعوته مدمجة في مشاعره وعواطفه وهمومه, فلها يفرح ولها يحزن ولها يسر ولها يغضب بل إن ربه الذي كلفه بالدعوة فقال {ادع إلى سبيل ربك) عاتبه فقال: ( لعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا) (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات), ولما سألته عائشة هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟ يوم أحد الذي شج فيه وجهه وكسرت رباعيته وقتل عمه, وبقرت بطنه وصرع 70 من أصحابه, إذا به يجيب بنعم, أشد ما لقيت من قومك إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أفق إلا في قرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره فيما شئت فيهم قال فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد إن الله سمع قول قومك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك لتأمرني بأمرك إن شئت أطبق علبهم الأخشبين فقال رسول الله بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا.