في لحظات الألم..وفي الليالي الموحشة بفجيعة الحزن.. عندما يلازم الإنسان سريره الأبيض ..وتنهمر الدموع صامتة..قاتلة ..لا شيء إلا الوجع ..ولا رفيق إلا الألم. تغيب كل الأشياء ولا يبقى إلا الرجاء ..ويهرب كل الناس فلا ترى الأصحاب..ولا الأحباب ..اتصالات متناثرة ..ومتباعدة ..وكليمات قليلة..شحيحة متيبسة سلامتك..وما تشوف شر.. ثم يسود الصمت!!. يقول الناس : الحياة تغيرت ..الناس مزدحمون بالمشاغل ..والالتزامات والمسؤوليات ..وتتوقف برهة فتجد الناس مستغرقين في جلسات البلوت..وفي الاثنينيات .والربوعيات ..وحضور ليالي الانس عند الأحباب. زيارة المريض أصبحت فكرة قديمة..ومملة ..والسؤال عنه حتى بالهاتف أصبح سخيفاً..ولا يخطر على بال..!!. أصبح الناس لا يتذكرون إلا الذين أمامهم..وإلا فان النسيان هو سيد المكان..والزمان. من زمان ..كنت على قناعة بالصداقات ..هذا صديق حميم ..وهذا صديق عزيز..وهذا صديق مثل الأخ الذي لم تلده أمي ..واليوم لا أحد ..كل الناس حتى أعز الأصدقاء يضنون عليك بزياراتهم فلا تراهم إلى جانبك وأنت تلازم السرير الأبيض إلا مرة كل شهر أو حتى كل شهرين .. والعذر أبداً أسخف من الفعل!!. انتهت مشاعر الالتفاف مع الأصدقاء ..والأحباب ، أصبحت العلاقات محكومة بالمصالح ..الناس تتكالب على من يفتح بيته للسمر..والبلوت..والمعسلات..وتعرض عن أداء واجب الزيارة لأي صديق..وحبيب.وتسأل فيقولون: ظروف الحياة تغيرت ولا شيء تغير سوى الانسان نفسه ..ومشاعره..وقناعاته..وعواطفه..واهتماماته!!. وبات على الانسان أن يُسلم اليوم بهذا النفور الذي يصيب العلاقات الإنسانية حتى في حالات الألم والمرض والأزمات..وألا يفجعنا الجفاء ولا قلة الوفاء..وأن نردد في رضا مع الشاعر: أنا الحزن من زمان صديقي وقليل في عصرنا الأصدقاء وقفة دائماً من يقدم السبت يلقى الأحد ..ومن يزرع القسوة لا يحصد إلا الانكفاء!! آخر المشوار: قال الشاعر: يا رب إني مذنبٌ متذللٌ متضرعٌ رحماك أنت بقاء وجنانك العُليا مناي ومطلبي وأنا الفقير وما ملكت فداءُ