أهرب من قلبي وأروح على فين. الهروب لماذا والى أين المفر من دنيانا التي نعيشها وأوضاعها وهمومها؟. البشر فيها لا تسر أحوالهم ولا تريح وتتعب أعصابهم وتتكدر حياتهم وأنفسهم. فهناك حروب وقوى عظمى ذات سيادة وسيطرة تفرض الهيمنة وتتحكم فى من دونها كيف ما تريد, واخرى ضعيفة فقيرة ومعدمة يطأها الظلم والقهر والبؤس ويحتويها التخلف والشقاء قابعة في أجزاء كثيرة من عالمنا المعاصر. وحياة شعوبها يكتنفها الجوع والتسول والأمراض والجهل, اللهم لا اعتراض ولا راد أو مانع لأمرك فالكون ملكك وحدك وسبحانك يا عظيم المتصرف بشؤونه. وصدق الشاعر في قوله ( هي الدنيا كما شاهدتها دول... من سره زمن ساءته ازمان... وهذه الدار لا تبقى على احد.. ولا يبقى على حالا لها شأن ) لا أدري لم نلوم الزمن ونحمله مشاكلنا وزلاتنا واغلاطنا وكل ما هو سيء وضار وغير مجدٍ او يهواه بنو البشر ما ذنب الزمن وما الدليل على انه هو أساس لبعث الكره والحقد والافتراء وفقدان اناس الكرامة وحرمانهم المبادئ والاخلاقيات الانسانية التي من أهم متطلبات حياتهم وفي العالم المنعم والمترف والمتخم بالرفاهية ويمتلك الثروات الهائلة والحضارات المزدهره وملذات الدنيا بين ايدي وتحت تصرف سكانه, طغت الحياة الشديدة البزخ وعم صيتطها الارض وما فيها وكان مرد كل هذا التكنولوجيا والتقدم العلمي والغنى الفاحش لهذه الدول.. اناس من أصحاب العقول التي لا تجد في عقولها وفكرها وبصيرتها إلا مصلحتها وحدها وما يحلو لها من أهواء وأمزجة واستحواء فيما بينها وبين نفسها وبلا استشارة أو ان يكون لها خبرة أو روية أو حكمة لجمت بالزيف والخداع والوهم وفي مخيلتها لدنياها انها هي التى تدوم أو تستمر وغاب عنها ونسيت تماما امرها وصدق قول الحق خالقها جل جلاله قال تعالى : ( وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ) سورة آل عمران فى الآية الكريمة آية ( 140 ). هذه الفئة والتي نراها تكثر وتزداد وتقرر باصرار وتهاجر لتستقر في أوطان جديدة تاركة ديارها وأهلها وأمتها وكأنها ليست مسؤولة منها وغفلت عن الحقوق الإلزامية التي عليها لذويها والواجبات المطلوب ان تؤديها لمن لهم الفضل نحوها همها الوحيد وتوجهها وجل أمانيها الدنيا الجديدة , عزمت على الرحيل وحملت امتعتها وكل ما ادخرته وجنته من مال اثناء سنوات عملها و جهدها واصبح لها شأن وتوجهت صوب مبتغاها. الم يخطر بأذهان هؤلاء الغربة وقسوتها؟ ألن يكون في قلوبهم حنين وشوق لمن تركوهم وهم أحبابهم ولأرضهم التي يعشقون ترابها (وطن حبيب وغالٍ ولا ولن يحبون سواه). سمحت لنفسي واعطيتها مجالاً لكي نفكر سويا بحكمة وعمق في امثال هؤلاء الخلق المتوهمين بأن الرحيل والهجرة والابتعاد عن الواقع وتركه بكامله يتقهقر وكأنه ماضٍ افل ولا يمكن ان يعود، هذه حقيقة والحقيقة لا يمكن ان تخفى ولكن الانسان يحمل بداخله مشاعر وأحاسيس وعواطف جياشة لوطنه ومدينته وما فيها من حارات وأحياء تربوا فيها وأمضو طفولتهم وشبابهم، هل فعلا نسوا كل هذا او انهم يتناسون عنوة؟. ايها الاخوة والاحبة الراغبون فى الهجرة لا تغرنكم الحياة الدنيا حكموا انفسكم واختاروا الصواب لكى لا تندموا.