أعيد ما سبق وقلته عن (اثنينية الحجاز) ممثلة في صاحبها الأستاذ عبدالمقصود خوجه - حيث بعثت إلي بعمل له مكانته المعرفية رأيا وفكراً وهو مجموعة المميز الكبير حمزة شحاته هذا المتنور مبكراً الذي قدم متوناً تعد من النوادر عند أولي الاهتمام بالكلمة وصنع من حياته مثالاً حياً للأجيال حيث ناضل من أجل تنوير المسيرة المبدعة التي قد تكون الأجيال في حاجة ماسة إلى تزكية البوح وكيف كان المعطى في فترة من الفترات الشحيحة بالنسبة لحياة اليوم ، فالحجاز بالذات كان في بداية النهضة إن صح هذا التعبير يختلف عن مناطق بلادنا ثقافة ومدارسة ولهذا السبب كان التنبه مبكراً وصلة الاتصال به من كل الأقطار كان قويا الأمر الذي كان صوته مسموعا معروفا، كما ان الابتهاج به من خلال ما في الأذهان حياً في ذاكرة الإنسان العربي.. ولئن كانت مجايلة البعض قد أحدثت في الساحة ما يشبه المماحكة وتغليب الرأي فإن أديبنا كان أديبا بالطبيعة تهذب بأولويات أصحاب المهنة وحذف الآلية التي عالج بها نصوصه وتعرف عن كثب على المجالس المتقدمة خاصة في مصر ومن ثم نشر بعضا من نتاجه في الصحافة المصرية ومثله من صنع مثلما صنع من رفقاء دربه في الصحافة المصرية لأنها تعد المنبر المتقدم انذاك لهذا يندر ان يرد اسم حمزة شحاته أو العواد أو العطار أو السباعي في أي بلد عربي ولا يعرف جيداً فالصحافة المصرية عموماً كانت أوسع انتشاراً وأوعب مساحة ويندر ان تجد فيها موظفاً متقيداً بأوامر من وظفه وإنما الحكم هو الميدان كما أن القائمين انذاك لهم ولع مفرط بالبحث وتأصيل الهموم الوطنية ومن ثم إشاعة الإبداع وتزكيته ..لقد كان للأدب الحجازي نكهة لا تعادلها نكهة ، ولرجاله حضور في الأوساط التي تمقت الإملاءات وحجايا الواهمين وفي طليعة القوم شاعرنا المتخطي وهذا لا يعنى أن تلك المنظومة لا تنقد ولا تصوب ولا تقع فيما هو من طبيعة أمثالها.. إلا أن الملفت ان بعضهم من أصحاب المواهب التي لا تتكرر إلا نادرا سواء بالعلم واستيعاب المرجعية أو بالتأليف واستقصاء المعلومة كالأنصاري أو أبي تراب مثلاً ..اما الشعراء القادرون أو لنقل الذين أخلصوا لذات العطاء فقد تركوا للأجيال ما له صلة بحرقة الحزن الموغل بالحب الحجازي الرفيع مع أن البعض قد سافر وسافر وأدرك وخبر أهل الغيوم والأنهار والآفاق المنطلقة لكنهم يختزنون وجداً موغلاً له دمغاته ولذعات رحيقه أجل إن عشق الحجازيين لا كغيرهم قال أخو اللوعة: ( أحن إلى الحجاز وساكنيه) أجل إنها تربة عروة بن أذينة والحارث بن خالد وعمر بن أبي ربيعة وليس هناك حجة للقادمين إذا قلنا إنها مرتكز روعة الوجود - إلا التأسي والتمثيل. ولعل الوجيه الخير عبدالمقصود قد ضرب المثال الرائع للمواطن الذي جعل همه مكانة بلاده أهلا وذكراً وحاول ما استطاع ان تكون الزكاة بل ضريبة الوفاء ملكاً للأجيال كما آثر أن يكون الحضور مؤثراً في هذا الزمن المعلوماتي ولا أدري هل فهم من إعادة طباعة هذا الجهد وما سبقه على أنها من باب الاحاطة بالشيء وان لدينا مثل ما لدى أولئك وان الصداقات قد يكون لها نصيب الأسد ..المهم ان الأستاذ الخوجة قد دفع إلى الناصية من تاريخية وفكر مواطنيه ما يدعو إلى الاعجاب وان ما شغله وشغل المخلصين من حوله جهود تفرح وتبهج ولا أجد إلا أن أقول ليت لدينا أكثر من خوجه وأكثر من موسر يعي المفاد الممتد ..وإني لآمل أن أتناول أعمال شحاته مستقبلاً لأنها وصلتني أثناء الأيام الماضية المحزنة وما قلته ربما يكون توطئة لما بعده ..قال أخو قحطان: الطيبان الهوى والطاهر البلدُ عزاؤنا في حياة كلها نكدُ!! الفقر يركض والدنيا مخادعة ماذا نقول وخيل الفقر تجتلدُ؟! ضعنا فلا الشعر أغنانا ولا بقيت للمحتفين به ساق ولا عضدُ!! يا أيها البصراء الناس في ضنك له عيون وأفواه لها لغدُ!! ما قلتها ابتغي شيئا ولست كمن بالشعر من نفثوا بالشعر أو عقدوا!!