عطر اللهم ذاك الثرى الذي ضم رفات جثمان ذلك الإنسان وتفضل على تلك الروح بالنظر اليك وقد تجليت فوق عرشك ياعظيم الشأن وبأكف الضراعة ابتهل اليك يارب يا منان أن تنزل عليه شآبيب الرحمة والغفران فهو الذي أقام في هذه البيداء هذا البنيان الذي ظل شامخاً وراسخاً ليصبح بهذه العظمة وهذا الكيان برغم أن هذه الرقعة من أرض الجزيرة كانت تنأى عن عوامل الاستقرار فظلت تتوارى خلف المجهول وترزح تحت نير الفوضى والتناحر وفرقة الصفوف وذلك لما كان يجري فيها من سلب ونهب وحروب ثأرية ظلت تدور رحاها في أوساط متمزقة من قبائل وعشائر متناحرة هنالك قيض الله لهذه الرقعة من يجمع شتاتها ويلم شعث أهلها وهو رجل من فلذة أكباد العرب هو ذلك الابن البار الذي نما غرسه الصالح فوق ثرى هذ الوطن ابان كان الملك يئول لاجداده وآبائه هو ذلك الملك الصالح عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - فهو كان ذلك الشاب اليافع الذي اجتمعت فيه كل صفات الشباب المسلم فلقد أدرك أن هذه الأرض تعيش على ما كانت عليه من الفوضى والتناحر اذ كان يراها تتخبط في دياجير الظلام حيث تتصاعد في أعماقه الغيرة وتستبد به الحمية العربية لذلك صمم على أن يحمل على عاتقه مسؤولية تخليص البلاد من براثن الاستغلال والاستبداد والاستعباد بيد أنه كان بغيض من فيض احساسه المرهف يترك العنان لفكره الناضج ليسافر به في دروب الأماني اذ بكثير من الايمان الذي يملؤ قلب الفتى المؤمن وطد العزم على أن يصلح واقع ذلك العصر التليد حيث أوصله فكره الناضج إلى فكرة مقدسة وهي استعادة الحق اذ اختمرت هذه الفكرة في ذهن ذلك الشاب الذي بلغ مبلغ الرجال وفي عام تسعة عشر وثلاثمائة وألف من الهجرة 1319طفق يعمل على تنفيذ هذه الفكرة حيث في ليلة ظلماء حمل عتاده على راحلته وقد يملأ الايمان قلبه بنصر ربه وبلوغ غايته والحماس في أعماقه بلغ ذروته والاصرار في داخله يزيل عناءه وبالكثير من الشجاعة التي عرف بها هذا الفتى المجاهد يعلنها معركة ضد الباطل خاضها مع رجاله الأبطال بكل عزة وكرامة فأخلص المجاهد لله قصده بنصرة ربه واعلاء كلمته وصدق الله لعبده وعده لينصرن من ينصره فتحقق له النصر فاستبشرت الأرض بعقد عرسها لعصر الاستقرار الذي كان يحث الخطى من أرض نجد الفيحاء حيث انطلق صوت تردد صداه في الآفاق (الله أكبر الله أكبر الملك لله ثم لعبدالعزيز) انها صيحة القلوب بفرحة النصر وهتافات السماء بتأييد الحق وزغاريد الأرض ببلوغ الغاية (الاستقرار) وهكذا دانت الأرض لذلك البطل المسلم الذي ترجل عن صهوة جواد الرحلة ليخر ساجداً لله شاكراً له وليستأنف مشوار رحلة البناء بعد أن استعاد ملكه وملك آبائه وأجداده وعاد الحق لأهله وتحقق للمجاهد أسمى أمل ظل يراود مخيلته منذ أن شب عن الطوق وهو بناء كيان دولة إسلامية يرتكز حكمها على الشريعة الإسلامية هنالك طفق يعمل على ارساء قواعد شامخات للحكم ولم ينفك يصهر جهوده ويبذل ما في وسعه لترسيخ المبادىء الإسلامية التي يظل لها الأثر الفاعل في ترسيخ دعائم حكم هذا الوطن كما ظل يعمل جاهداً على رأب الصدع ولم شمل تلك القبائل المتناحرة فاستطاع رحمه الله أن يجمع صفوفهم على كلمة واحدة وانتماء واحد وحكم واحد ووطن واحد يحمل اسم علم يميزه عن اسماء سائر الأقطار انه وبكل فخر واعتزاز (المملكة العربية السعودية ) لهذا ظل يوجه اهتمامه لقضايا عديدة وفي أوجها قضايا الأمة الإسلامية حيث ظل يولي عنايته بشؤون المسلمين فلقد نذر نفسه للذود عن حوبة الدين ومناصرة المسلمين وهذا ما جعل هذا الحكم ترتكز دعائمه على قواعد إسلامية حقة والتي في عدادها حض المسلمين على التعاون على البر والتقوى اذ ظل هذا هاجسه وأكثر ما يوليه من الاهتمام هو العناية بالمسلمين واعانتهم على بلوغ غايتهم في أداء شعائر دينهم فهو لم يأل جهداً في سبيل تيسير رحلة الإيمان لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام وهو حج بيت الله الحرام حيث تيسرت منذ عهده سبل بلوغ الوافدين لهذه الديار المقدسة لأداء فريضة الحج بما تحقق من أمان في المملكة بجانب ما كان يوليه اهتمامه من مشاريع وفي عدادها اهتمامه بعمارة المسجد الحرام وتأسيس بيوت الله في أنحاء البلاد ثم ما لبث أن تجسد عطفه في أروع صوره حيث تحقق بتوفيق الله ثم بدافع عدله لرعيته انصافه لفئة كادحة من أبناء الوطن يحملون على عواتقهم أمانة وفادة القادمين لهذه الديار المقدسة لأداء مناسك الحج وهم فئة المطوفين الذين يظلون يدينون بالفضل لله ثم لمكرماته رحمه الله فهم لا يفتأون يذكرون الكثير من أفضاله التي لا تحصى وفي أولوياتها تلك الثقة الغالية التي يظلون يعتزون بها ما ظل فيهم رمق ونبض ينبض بالحياة فلقد أكد بحكمه العادل أحقيتهم في البقاء في ممارسة مهنتهم (مهنة الطوافة التي يعتبرونها منه تشريفاً لهم ثم لم ينفك عن اغداق عطائه لهم فتوالت مكارمه التي لا تحصى وهذا الغيض من فيض مكارمه جاء باصدار أمره السامي الذي يأمر فيه بضرورة تحديد عائد مادي لقاء خدمة كل مطوف للحجاج الذين يقوم بخدمتهم وقد تم إعلان ذلك ونشره آنذاك في صحيفة كانت تسمى الحجاز وذلك في العام السادس والعشرين وثلاثمائة وألف من الهجرة 1326 وهكذا دواليك اذ ظلت تتوالى الافضال التي يغدقها الراعي على هذا الرعيل من رعيته من أبناء مهنة الطوافة وفي عام خمسة وستين وثلاثمائة وألف صدر أمر جلالته رحمه الله بايجاد مرجعية لأرباب مهنة الطوافة حيث أمر بتأسيس مديرية لشئون الحج لتكون جهة اشرافية لأرباب هذه المهنة واسند إدارة شئون تلك المديرية إلى نخبة فاضلة من أبناء هذه البلاد كما اعتمد لها ميزانية خاصة تصرف من مكتسبات الدولة وهكذا ظلت الحياة تسير وفاقا في عهده وظلت تتسع مساحات الأمن فأخذ يسير موكب المسيرة المباركة في مدارج الرقي اذ ظل الباني يبني ويشيد هذا الكيان حتى أذن الله بوفاته رحمه فانتقلت مقاليد الحكم لأبنائه الأبرار رحمهم الله حيث ساروا على نهجه وخطاه عهداً بعد عهد لذلك ولما كان لهذه الدولة ملوكها الذين دأبوا على البحث عن أفضل السبل للارتقاء بمكانة الوطن وأبنائه فلقد شمل اهتمامهم مرافق الدولة الهامة حيث انصب اهتمام ولاة الأمر على توسيع مجال مديرية الحج وتحجيم هيكلها للاستعاضة عنه بوزارة رائدة قادرة على تحقيق طموحات ولاة الأمر لتحل محل مديرية الحج لذلك في العام الواحد والثمانين والثلاثمائة والألف من الهجرة 1381 تبلورت فكرة انشاء هذه الوزارة لتظهر لحيز الوجود باسم (وزارة الحج والأوقاف العامة) وتم تعيين أول وزير لها وهو من أبناء هذه البلاد وهو(الشيخ حسين عرب) رحمه الله ثم ظل يتعاقب على حمل أمانة مقاليد أمور هذه الوزارة نخبة من أبناء الوطن حتى أن تم ترشيح أحد أبنائه من رجالات الفكر والتربية والتعليم هو معالي الوزير الشيخ عبدالوهاب عبدالواسع رحمه الله حيث أخذت الوزارة تسير وفق طموحاته فحظيت مهنة الطوافة وأبناؤها بكل اهتماماته اذ لم يكن يبخل بعصارة فكره ولا يدخر وسعاً في سبيل تحقيق ما كان يصبو إليه من الرقي لهذه الوزارة مما كان له بالغ الأثر في اشعال جذوة الحماس في نفوس أبناء مهنة الطوافة وتزايد تعداد الوافدين لأداء فريضة الحج بجانب ما كان يوليه من اهتمام بالغ بتوصياته في ايجاد نظام مؤسساتي لرعيل مهنة الطوافة كما ظل يحث على الارتقاء بأداء جميع الجهات الخدمية التي تعمل في خدمة حجاج بيت الله مما كان له بالغ الأثر في بلوغ الغاية وتحقيق المقصد. حيث لمعت بوارق التوفيق وأخذت تبدو بوادر الخير مبشرة بتحقيق آمال عريضة صدر المرسوم الملكي رقم 2-3-13وتاريخ13-6-1396عطفاً على قرار مجلس الوزراء رقم 284 وتاريخه 7-2-1398ه الذي يوصي بتنظيم مهنة الطوافة وهكذا أخذ الخير يتوالى بصدور الأوامر السامية اذ صدر الأمر السامي الكريم رقم4-ص- 62- 13وتاريخ 13-6-1399ه الذي ينص على انشاء مؤسسات تجريبية للطوافة هنالك أخذت تظهر ست مؤسسات تجريبية أهلية وهي كالنحو التالي:- 1- (المؤسسة التجريبية الأهلية لمطوفي حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وأمريكا واستراليا) وذلك بموجب القرار الوزاري (رقم 441-ق -م11 -10-1402) 2- (المؤسسة التجريبية الأهلية لمطوفي حجاج إيران) وذلك بموجب القرار الوزاري (رقم 363-ق-م في 14-9- 1403) 3- (المؤسسة التجريبية الأهليه لمطوفي حجاج دول جنوب آسيا) وذلك بموجب القرار الوزاري رقم 377-ق-م في25-9-1403) 4- (المؤسسة التجريبية الأهلية لمطوفي حجاج دول جنوب شرق آسيا) وذلك بموجب القرار الوزاري (رقم 125-ق-م في3-5- 1404) 5 -(المؤسسة التجريبية الأهلية لمطوفي حجاج دول أفريقيا غير العربية) وذلك بموجب القرار الوزاري (رقم 124-ق-م-في3-5- 1404) 6- (المؤسسة التجريبية الأهلية لمطوفي حجاج الدول العربية) وذلك بموجب القرار الوزاري رقم325-ق-م-1405. ولقد ظل شرط بقاء هذه المؤسسات الست مرهوناً بثبوت نجاحها وارتقاء مستوى أدائها وهو ما خلق روح الحماس في نفوس العاملين في هذه المؤسسات حيث أخذ الأداء يسير في مدارج النجاح المأمول هنالك صدر قرار مقام وزارة الحج (رقم 327-1405) الذي ينص على اعتماد الوزارة لهذه المؤسسات ضمن خططها المعتمدة وهذا لا غرو يفسر معناه بأن هذه المؤسسات اثبتت انها قادرة على حمل المسؤولية حيث استطاع أبناؤها المطوفون اثبات تفعيل أدائهم في هذه المهنة مما أوجد عنصر المنافسة بين منسوبي هذه المؤسسات الست وساعد على خلق جو ديناميكي اتسم بالتعاون البناء الذي ترجمه الأداء الجماعي والجهود المشتركة وهكذا أخذت تدور دفة الأداء التي يمسك بها رجال مخلصون حملوا على عواتقهم أمانة إدارة مجالس هذه المؤسسات وأخذت تتسع أنشطتها بعد أن اكتسبت الصفة الرسمية للنظام المؤسساتي حيث اتسعت الآفاق وتضاعفت الرغبة في اعطاء المزيد من الأداء المميز في خدمة ضيوف الله حيث يأتي أمر التعديل لبعض مواد اللائحة التنظيمية الإدارية لواجبات ومسئوليات مجالس إدارات مؤسسات الطوافة وذلك بالقرار (رقم 42-ق-م في3-4-1423) وهكذا أخذت تسير عجلة الزمن وظلت هذه المؤسسات تسير وفق ما خطط لها وأرباب الطوائف يمسكون بدفة الأداء وهاجسهم الارتقاء بمستوى الخدمة من رؤساء مجالس إدارة وأعضاء ورؤساء مكاتب خدمة ميدانية تتفرع من ست مؤسسات تبدو كمنظومة عقد فريد يتوهج بين حباته وهج أيقونة تشع تألقاً وشهرة حتى غدت موضع تقدير كل مسلم يعيش في جنوب قارة آسيا ومواطني دول الخليج إنها المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج دول جنوب آسيا التي قيض الله لها مجلس إدارة يضم صفوة من أرباب مهنة الطوافة وهم ذلك المربي الفاضل وعبقري المهنة سعادة الدكتور عدنان محمد أمين كاتب ونائباه النابغ د. رشاد محمد حسين واللبق م. زهيرعبدالرحمن سقاط والأعضاء الأفاضل حيث يلهجون وكافة أبناء الطائفة بالشكر والثناء للقيادة الحكيمة على ما تتفضل به على أرباب المهنة ويخصون بالذكر سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي سيدي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام وصاحب السمو الملكي سيدي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني وزير الداخلية الرئيس العام للجنة الحج العليا وصاحب السمو الملكي سيدي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية كما يثمنون ارشادات وتوجيهات وجهود معالي الوزير النشط الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي وزير الحج ونائبه وكيل الوزارة الاستاذ حاتم حسن قاضي كما ينتهزون فرصة تخليد ذكرى اليوم الوطني ويتشرفون بأن يرفعوا أسمى آيات التهنئة للمقام السامي ولسان حالهم يقول بالرفعة والسؤدد كل عام يعود على حكامنا وعلينا هذا اليوم الأغر والله يحفظهم.