من منا لا يحلم ؛ ومن منا لا يتمنى أن يعانق حلمه أرض الواقع ؛ فنحن في حقيقتنا مجموعة أفكار اعتنقها العقل وتلمسها القلب وحاكتها الجوارح ؛ وكم من أناس أفنوا حياتهم بحثا عن أحلامهم ؛ وكم من أناس فُنيت حياتهم أملا بأن تتجسد تلك الأحلام أمامهم فيتلمسونها بحب ورضا ويعملون على إعادة هيكلتها ودعمها حتى يجنون من ورائها مقاصد جمة يعد أهمها تحقيق الذات ؛ وكسب الرزق ؛ والعدالة الاجتماعية والمهنية. ومع ما نشهد من انفجار علمي ومعرفي تأتي الحاجة لبيئة صحية تناقش ما نفكر به بإيجابية , وتطرح ما نحلم به بموضوعية ؛ وتدعمه وتصقله ليولد ويرى الشمس ؛ يأتي ( TEDx ) وهو مؤتمر عالمي يعقد بكلفورنيا سنويا ؛ ويهتم بنشر الأفكار التي تستحق التقدير والاهتمام في مجالات متعددة من ضمنها العلوم والتقنية والإدارة والعمارة والفن والتسويق وغيرها , ووجود مثل هذا الحدث على مستوى العالم أتاح للعديد من الموهوبين والمبدعين عرض أفكارهم التي أصبحت محل اهتمام كبار المسؤولين والشركات والمؤسسات فكانت بادرة جيدة عادت عليهم وعلى أحلامهم وأوطانهم بكل منفعة وخير. ومن منطلق حاجتنا لمثل هذه البرامج في مجتمعنا العربي والمحلي يأتي البطل الهُمام الأستاذ بندر المطلق لينقل هذا المؤتمر بصورة عربية تتيح الاستفادة منها لكافة الشرائح العمرية وذلك لطرح فكرة جديدة أو موهبة أو اختراع أو حلم يستحق أن توجه له الأنظار وأن يحظى بالدعم والاهتمام. وفي مساء يوم الخميس الثامن من ذي القعدة في هذا العام شهدت قاعة الأمير بندر بن سلطان بكلية دار الحكمة أجواء خيالية مفعمة بالهمة والطموح والوطنية ؛ حيث عقد مؤتمر ( TEDx Arabia ) بعنوان تمكين الريادة والإبداع وفي وجود ثلاثين متحدثاً ؛ ينقلون بشغف خبراتهم وأحلامهم وإبداعاتهم على مسرح دار الحكمة الذي شهد حضوراً هائلاً من مختلف الأعمار , وأجمل ما كان في هذا المؤتمر هو الروح الإيجابية والبسمة الراضية التي اعتلت وجوه المنظمين والحاضرين والمتحدثين ؛ وقد استمرت تلك الأجواء فيما يقارب سبع ساعات متواصلة دون ملل أو فتور أو تدهور خلافا عن اغلب المؤتمرات التي عادة ما تبدأ بقوة ثم تفقد رونقها مع مرور الوقت. وهذا يجعلنا نتساءل عن الأسباب أهي جودة المحتوى المقدم , أم الدقة في الإعداد والتنظيم , أم حسن اختيار المتحدثين لموضوعاتهم , أم حداثة الفكر وأصالة المضمون , أم المبادرة والاهتمام , أم الهمة العالية ؟؟ هي في الواقع أجوبة كثيرة تتواتر في أذهاننا بمجرد أن نرى التأثير الرائع الذي تركه هذا المؤتمر على الحضور والعاملين والمنظمين له , ولا أجد جوابا كافيا لذلك غير النية الصادقة والعمل المتقن والإصرار الذي حمل فريق العمل على تقديم هذا الأداء الرائع بشكل خلاب ليس رياء او نفاقا بل استشعارا لحاجة الوطن لمثل هذه العقول النيرة ومثل هذه الأفكار الواعدة التي ولا شك أنها ستعود علينا بالمنفعة والرقي والانتماء. وقفة شكر نعجز فيها عن التعبير لكل من أراد لهذا الوطن الخير والرفعة , فأمثال هذه الأعمال نجني ثمارها سريعا ونتلمس تأثيرها في حياتنا على المدى الطويل. شكرا أستاذ بندر المطلق على هذا المجهود الرائع والشكر موصول لفريق العمل والمتحدثين ولدار الحكمة وعميدتها الموقرة ولكل من كان له اليد في نجاح هذا العمل. ونظل نردد هذه الأية (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة:105) فما نحن إلا شهداء الله في الأرض ومثل هذه الأعمال ما هي إلا مثال واضح لتلازم العلم والعمل المتقن وأبسط ما تستحقه هو شهادة حق تذكر فتشكر. أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يحفظ أصحاب هذا الفكر النير لهذا الوطن.