رعى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار أمس الأول حفل تكريم 19 طالباً من المشاركين في برنامج تدريب طلاب كلية العمارة والتخطيط الصيفي الثاني الذي تنظمه الهيئة بالشراكة مع كلية العمارة والتخطيط بجامعة الملك سعود والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ضمن برنامج تطوير الدرعية التاريخية لترميم وإعادة تأهيل المباني الطينية والحجرية، وذلك بحضور صاحب السمو الأمير أحمد بن عبدالله بن عبدالرحمن محافظ الدرعية، وعميد كلية العمارة والتخطيط الدكتور عبدالعزيز المقرن، وعدد من المسئولين في الهيئة، وجامعة الملك سعود، والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض . وأكد سمو الأمير سلطان في كلمته أهمية دور الجامعات في الاهتمام بالتراث العمراني، مشيرا إلى أن من أهم سمات التطور والرقي الحضاري هو اهتمام الجامعات بالتراث الوطني . وأشاد سموه بدور جامعة الملك سعود في هذا الجانب، موضحاً أن (الجامعة تتولى مسئولية هامة في الوقت الحاضر لتقنية العمارة الحديثة، وفق أسس التراث العمراني الذي هو الأساس لتطوّر العمارة الحديثة في أي مكان في العالم). وأشار إلى أهمية التعاون والعمل المشترك بين جامعة الملك سعود ومحافظة الدرعية للإسهام في مشروعات التراث في المحافظة وفي الدرعية التاريخية. وتتطلع سموه إلى أن يُعلن في جامعات أخرى، عن برامج مشابهه، مؤكدا على أهمية مثل هذه البرامج في التعريف بالتراث العمراني ووسائل المحافظة عليه وتطويره وفق المناهج العلمية . وخاطب سموه الطلبة المشاركين في البرنامج بقوله: (أنتم لم تعملوا فقط في موقع تراثي، وتسعدوا بالعمل كما أنا أعمل بيدي في المواقع التراثية، ولكنكم أيضا سوف تكسبون ميزة إضافية في مستقبلكم المعماري كمعماريين إن شاء الله ومهندسين، تميزكم عن زملائكم بفارق كبير، وهي أنكم لمستم أرض بلادكم وترابكم، فيما غيركم يعمل في أماكن مغلقة وعلى برامج حاسوبية، وأنكم شممتم رائحة تراب هذه الأرض وعبقها، وأنا أعدكم أن ذلك سيجعل لكم تميّزا خاصا في عملكم وفيما تقدمونه من أعمالكم، ولذلك هذه الدورة هي جزء من بناء الشخصية، بناء شخصيتكم والعمل مع البنائين والحرفيين وإكسابكم ميزة مهمة في المعمار المميز إن شاء الله مستقبلا، وهي ميزة التواضع وميزة العمل الميداني، وميزة تقدير ظروف الذين يعملون في المواقع، وميزة لمس مواد البناء بيدكم، وهذه الميزات التي كسبتموها أنتم لم يكسبها غيركم ممن يعملون داخل الفصول الدراسية فقط أو من يستخدمون الكاميرا فقط للتصوير). وتابع سموه بقوله: (أنتم تمثلون جيلا جديداً من المعماريين الوطنيين، وليس المعماريين الذين يقلدون ويطبّقون ما يعمله الآخر، ولذلك اليوم أصبح الناس تستقطب المعماريين والمهندسين من أنحاء أخرى من العالم برواتب أقل، لأن المهندس السعودي لم يضع قيمة مضافة للمشروعات التطبيقية في مجال التراث العمراني إلى حدّ كبير، ولذلك ننظر إليكم كجيل يحمل لواء هذه المشروعات الكثيرة القادمة في مجال التراث العمراني، ونحن نحتاج إلى هذه القواعد الكبيرة ليس حنينا للماضي كما يعتقد البعض أو ترفا، لكن نحتاج إليها كمشروع اقتصادي كبير، والدرعية هي أحد أهم المشاريع الرائدة التي نعمل فيها بتعاون وثيق ومميّز مع الهيئة العليا لتطوير الرياض وجامعة الملك). وأكد سموه على أهمية ما صدر من الدولة من أوامر قوية تؤكد اهتمام الدولة بالحفاظ على التراث العمراني من خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله في حماية مواقع التراث الإسلامي، ومن سمو ولي العهد يحفظه الله، وسمو النائب الثاني، وأمراء المناطق ومن وزارة الشئون البلدية والقروية في عدم المساس بالتراث العُمراني إلا بعد الرجوع إلى الهيئة حتى يتم دراسته وتوثيقه وفق قرارات مؤسسية وعلمية، مشيرا إلى أن القيادة واعية تُريد وتقدّر هذا التاريخ والتراث العظيم، مشددا على أنه لن يُقبل بتاتا سواء من مؤسسات الدولة أو المسؤولين أو المواطنين ما يمسّ هذا التراث. وفي ختام الحفل سلم سمو الأمير سلطان بن سلمان وسمو الأمير أحمد بن عبدالله بن عبدالرحمن الشهادات على الطلاب المشاركين في البرنامج . ويهدف البرنامج الذي استمر لمدة 360 ساعة تدريب إلى إعطاء الطلاب جرعة تدريبية وتوعوية بالتراث العمراني سواء على مستوى الدراسات أو الترميم أو التصميم وإعادة التأهيل، والتعريف بآليات وسياسات الترميم للمباني وفقا للمعايير والمواثيق الدولية، والتعرف على الأساليب الحديثة في تحسين ومعالجة مواد البناء المستخدمة في المباني التراثية، كما أستعرض البرنامج تجارب ناجحة في مجال ترميم المباني وإعادة تأهيلها وتوظيفها. يذكر أن هذه الدورة التي تعد الثانية بعد الدورة الأولى التي أقمتها مؤسسة التراث الخيرية في عام 1416ه تأتي في إطار اهتمام الهيئة العامة للسياحة والآثار بتعزيز الوعي بالتراث الوطني المعماري ودوره في بناء الشخصية الحضارية للمملكة العربية السعودية ومواطنيها خاصة بعد أنشاء مركز التراث العمراني الوطني وإشراف الهيئة على اختصاصات التراث العمراني .