بعد قليل ستجرى انتخابات المجالس البلدية في المملكة العربية السعودية واذا قدر لي أن انتخب أحد المرشحين لعضوية هذا المجلس سأنتخب المرشح الذي يقف مع حرية الرأي ويقاوم الأوصياء عليه والذي ينطق بكلمة الحق حتى ولو أعقبت الأقوياء والذي يناصر المظلوم دفاعاً عن الضعفاء .. سأنتخب المرشح الذي لا يتجاوز برأيه فيبيع صاحب الحق ويشتري النفوذ والذي يسعى لمصلحة الوطن، والذي يقاوم اغراء المسؤول عليه كما يقاوم الزاهد المنصرف لمتع الحياة، سأنتخب المرشح الذي لا يتاجر برأيه من أجل ان يقبض المكافأة الشهرية فيبيع من انتخبوه ومن يفضل ان يمشي ولو منفرداً في معسكر الحقيقة على أن يمشي مع الملايين في موكب الضلال والذي لديه الشجاعة بأن يصمد تحت مطارق الظالمين ولديه الشجاعة بأن يعترف بالخطأ اذا اخطأ. والذي يعلم أن كرامة الرجل ليست بالخطأ وانما كرامته هي بالرجوع الى الحق.. سأنتخب المرشح الذي لا يعدني بوعود زائفة فالذي يعدني بالشمس والقمر لن يأتي لي الا بالظلام، الشمس والقمر لن يكونا لفرد واحد انهما من حق كل الملايين فالمرشح الذي يعطي الوعود الزائفة اشبه بالطرف الذي يعطي نقوداً زائفة.. كل وعد سأسمعه سامتحنه كما امتحن العملة (الحقيقة لها رنين والخداع له صوت كالريال (البراني) سأنتخب المرشح الذي يؤمن بالتقدم ويؤمن بالحضارة ويؤمن بالغد فاننا على أبواب زمن جديد ونحتاج الى رجال يفكرون بعقلية المستقبل لا بمركبات الماضي، يؤمن بأن في استطاعتنا ان ندفع بلادنا الى الأيام ونعوض كل ما فاتنا .. سأنتخب الرجل الذي بحث عنه المجلس البلدي وليس الرجل الذي في حاجة الى المجلس البلدي، الاهتمام الذي نراه الآن في الانتخابات هذه الأيام شيء لم يحدث له مثيل منذ سنين والدعاية التي تجرى لهذه الانتخابات دليل على ان الشعب أذكى من ان يصدق الوعود الواهمة ولن يُخدع بهذه الانتخابات.. انا من رأيي انه ليس مطلوباً من الجهات المختصة وحدها ان تحافظ على سلامة الانتخابات بل ان الدور الاول هو دور المواطن الذي يجب ان يكون متيقظاً لكل عبث بنزاهة الانتخابات فالمواطن هو الذي يحرس حقوقه، قبل ان يحرسها غيره.. ولن يكون في وسع احد ان يتلاعب بارادة ناخب اذا كان هذا الناخب مستعداً ان يدافع عن حقه كمواطن.. ان وعي الشعب اصبح أكبر كثيراً مما يتصور بعض الذين لا يزالون يعيشون في الأوهام لاشك ان هذه المجالس مسؤولية عامة في خدمة الوطن، فالاسلام عقد صلة وثيقة بين المسلمين فجعلهم عشيرة واحدة يتضافر افرادها في نيل الخير، ودفع الشر، بل جعلهم جسماً واحداً، تتكافل أعضاؤه في ذلك وبهذا التكافل صار كل انسان مسؤولاً عن اخوانه المسلمين في دائرة اختصاصه فالمرشح مسؤول عن نفسه ثم عمن انتخبوه فالمرشح يجتهد في كل ما يعود للوطن بالنفع وعليه الوفاء بما عاهد به المواطنين، لذلك يفرض عليك ايها المرشح أن تفكر ملياً وتتروى طويلاً قبل أن تعقد وعداً للمواطن لان من تعد يُرتب على وعدك أموره، فخلف الوعد افساد والله المستعان.