يعتبر فن الرسم الكاريكاتيري من الفنون المحببة لدى القراء بمختلف شرائحهم وتوجهاتهم. وقد أصبح مادة جاذبة وذات أثر عميق في نفوس الناس، حيث لا تخلو مطبوعة سواء كانت صحيفة أو مجلة من رسم كاريكاتيري، نظراً لنجاحها الكبير في ترجمة معاناة الناس وبث همومهم وآلامهم وأفراحهم وقضاياهم الاجتماعية والمعيشية والسياسية، بعين ناقدة وفي قوالب ساخرة، بعيداً عن الابتذال والتجريح، تحترم الذوق العام بصورة تتوافق مع الواقع الاجتماعي والعادات والتقاليد. وفن الكاريكاتير فن يعتمد في الأساس على خطوط غرافيكية تتصف بالمبالغة في تحريف الملامح الطبيعية للشخوص سواء الإنسان أو الحيوان أو الجماد، وأصل كلمة كاريكاتير مشتق من اللاتينية (كاريكرا) التي تعني يبالغ أو يحمل ما لا يطاق. وأول رسم كاريكاتيري ظهر في مصر قبل خمسة آلاف سنة على ورقة بردي لطائر على سلم وهو يصعد إلى شجرة تلاه العديد من الرسوم الساخرة على جدران المعابد وكهوف قدماء المصريين في الحضارة الفرعونية وحضارات بلاد ما وراء النهرين وبلاد الشام، ثم أخذ فن الكاريكاتير في تطور متلاحق عن الحقب الزمنية المتعاقبة حتى عصر النهضة حيث بدأ يأخذ بعداً جديداً بعد ظهور آلات الطباعة ثم انتشار وسائل الإعلام المختلفة المرئية والمقروءة. أما في المملكة العربية السعودية فقد كانت بدايات الكاريكاتير مع ظهور الصحافة السعودية خاصة في المنطقة الغربية ليصبح عام 85ه هو البداية الحقيقية لهذا الفن. (الندوة) التقت في جولتها عدداً من فناني الكاريكاتير السعوديين الذين تحدثوا عن تجاربهم مع هذا الفن وأثر فن الكاريكاتير في المجتمع من خلال تلمسه لقضايا الناس ومشاكلهم وكيف استطاع هذا الفن الغوص في الواقع الاجتماعي وممارسة دوره النقدي لتقييم السلوكيات الخاطئة دون الخروج عن المبادىء العامة. رسالة سريعة التقينا في البداية الفنان سمير الدهام رسام الكاريكاتير المعروف الذي قال بأن فن الكاريكاتير من الفنون التي نجحت في الوصول إلى ضمائر الناس واكتشاف معاناتهم إضافة إلى طرح قضاياهم في قوالب ساخرة ومؤثرة أثرت بشكل عميق في تفاعل محبب من القراء مع ما يطرح من رسوم معبرة عن الواقع الاجتماعي للناس. ويعتبر فن الكاريكاتير رسالة سريعة، كما في الأدب الكلمة واللوحة، ونحن في المجتمع السعودي لدينا الكثير من القضايا الاجتماعية التي تحتاج إلى التوجيه من خلال الابتسامة والرسالة السريعة لأن الرسالة المنمقة فيها نوع من الاستعداد لكنها تنتهي غير أن رسالة الكاريكاتير سريعة وتؤدي دوراً كبيراً في المجتمع في شكل ابتسامة سريعة تصل إلى القارىء والمشاهد في أي صحيفة. تقويم وتصويب أما فنان الكاريكاتير يحيى باجنيد فيقول الكاريكاتير في أي وسيلة إعلامية أو بأي أسلوب يهدف للوصول إلى القاريء أو المجتمع، وهو عبارة عن اختصار شديد للموضوع الذي يمكن أن تكتب فيه على مساحة صفحتين، وذلك بالرسم على مساحة صغيرة فيها كل شي ء وقضية السخرية والتفكير في قضايا الناس أثبتت أنها أنجع وسيلة للوصول للناس. فقد يتحدث بعض المسؤولين عن الكاريكاتير من جانب السخرية، فإنهم قد يفكرون بأنهم مستهدفون بهذا النقد، ولكن لست مستهدفا في شخصه وإنما الجهاز الذي يعمل فيه خاصة جانب الخلل فيه والمطلوب تقويمه، فالكاريكاتير ينبه المواطن الخلل حتى يقوم بإصلاحها، وتصحيحها حتى تتحول إلى مطالب حقيقية وشخصية، لذا اعتقد أنه ينظر إلى النقد سواء كان كاريكاتيراً أو التناول الصحفي في الأعمدة اليومية أو غيرها بأنه وسيلة للتقويم والتصحيح وليست وسيلة للتشهير أو النيل من المسؤول.