استغرب من تعليقات القراء على بعض المقالات الصحفية في نسختها الالكترونية, حيث يكتب الأغلبية منهم في بداية التعليق مقال رائع يافلان, مع ان هذا المقال الموصوف بالروعة, لايستحق في نظري حق النشر ففكرته مشوشة وأسلوبه صعب ومفرداته ضعيفة . وقد تحيرت في ماهية التصنيف بالروعة والتي توصف بها أغلب المقالات المحلية, وهل وصل الضعف الثقافي بقرائنا الى عدم التفريق بين المقالة الجيدة والمقالة الرديئة, وهل قرأ أحد منهم كتابات الأصمعي وابن المقفع, والجاحظ وابن حيان التوحيدي, والرافعي وطه حسين, وإذا وصل مستوانا الى هذا الحد, فثقافتنا العربية لاشك في خطر, مما يعني ان هؤلاء القراء لم يتلقوا ثقافتهم إلا من الصفحات الرياضية, ومن التويتر والفيس بوك, لكنني لا أعتقد ذلك, بل انني متأكد بان لدينا قراء مثقفين الى أبعد درجة, والدليل على ذلك ما نشاهده في معارض الكتب بالمملكة من ازدحام شديد, وشراء مكثف لأمهات الكتب وبناتها. اذن فتفسير هذا التصنيف هو المجاملة التي اشتهر بها العرب وهناك تفسير آخر محتمل فلربما تبرع الكاتب نفسه بهذا التصنيف أو ربما كتبه أحد محبيه أو فرد من أفراد عائلته . ويقودنا ذلك الى وضع مشابه للمتصلين ببرامج القنوات الفضائية, فما ان يدخل المتصل منهم على الهواء المباشر, بعد فترة من الانتظار المكلف الطويل, حتى ينطلق بديباجة مدح طويلة تشمل البرنامج والقناة ومقدم البرنامج والضيوف واحدا واحداً ولا يترك من وقت الاتصال إلا جزءا بسيطا للتعليق على القضية المطروحة. وقد كنت أعتقد ان المجاملة طبيعة عربية محضة حتى اكتشفت خطأ اعتقادي فقد أخبرني أحد اخواني بانه ذهب إلى لندن لدراسة اللغة الانجليزية ونزل كعادة دارسي اللغة ضيفاً على عجوز انجليزية تستقبل في بيتها الطلاب الأجانب بمقابل وفي أحد الأيام قالت له العجوز بانه يتكلم الانجليزية بطلاقة ففرح أخي بهذا التقييم فرحا شديدا وظن انه وصل في الانجليزية لمستوى شكسبير ولكن وصلهم بعد أيام طالب من اليابان, لايعرف من الانجليزية إلا كلمات قليلة يتكلمها بصعوبة بالغة ثم سمع أخي العجوز الانجليزية وهي تقول للياباني : أنت تتكلم الانجليزية بطلاقة فاندهش أخي من هذا التصنيف وتبخرت من رأسه أحلام شكسبير . وأنا رغم انني أكتب في الصحف منذ سنة إلا انني لم أحصل على تصنيف مقال رائع إلا مرة واحدة واكتشفت فيما بعد ان الذي صنفني بالروعة واحد من أفراد الأسرة . وقد سألت أحد الظرفاء لماذا يكتب بعض الكتاب عنوانهم في نهاية المقال مع عبارة للتواصل فأجابني بأن معنى للتواصل في هذا الباب هو للتعاكس, فضحكت من تعليقه لكنني لم أصدقه .