على بعد 160 كيلومترًا من مدينة أبها، انتقلت عدسة “المواطن” إلى مركز خاط التابع لمحافظة المجاردة، التابعة لمنطقة عسير، للوصول إلى قرية “غية التراثية”. الوصول إلى مركز (خاط): وتقع مدينة خاط في الجزء الشمالي الغربي من منطقة عسير، وهي مدينة تتبع محافظة المجاردة في منطقة عسير. وتكمن أهمية الموقع لكونه حلقة وصل بين محافظة النماص في أعالي جبال السروات وبين محافظة المجاردة عن طريق عقبة سنان الشهيرة التي تخترق الجبال، بالإضافة إلى إحاطة الجبال بها من جميع الجهات، وهناك بعض الآثار القديمة التي وجدت في مدينة خاط مثل المقابر القديمة، والحصون، والمساجد، والمباني القديمة. وتعتبر هذه الآثار هي خير شاهد على وجود حضارات قديمة في المنطقة، بالإضافة إلى المباني المبنية بالحجارة التي تقع في قمم الجبال، كقرية غية التراثية التي يرتادها عدد كبير من السياح، ويشق خاط العديد من الأودية، ومن أهم هذه الأودية: وادي السليل، ووادي الحف، ووادي ريدة، ووادي جبل، ووادي نصرة، ووادي خاط الشهير. رحلة الوصول إلى قرية غية التراثية: وعند تمام الساعة التاسعة صباحًا، انطلقت رحلة عدسة “المواطن“ لاستكشاف قرية غية التراثية التي تقع في قمم الجبال، وهي عبارة عن مجموعةٍ كبيرة من المباني التراثية القديمة التي بُنيت بطريقةٍ جميلة وتعتلي الصخور، وذلك بصحبة المرشد السياحي عبد العظيم الشهري، ومنظّم فريق هايكنج السعودية في أبها عبد الله الأحمري، حيث تم التوقّف في منتصف طريق غير ممهّد عن طريق سيارة ذات دفع رباعي لتبدأ رحلة الصعود إلى القرية التراثية سيرًا على الأقدام في طريقٍ غير واضح المعالم، حيث تكتنفه الصخور مختلفة الأحجام، والأشجار المتنوعة، والمغارات العميقة. وفي أثناء السير، تنوّعت طريقة السير، فتارة سيرًا على الأقدام، وأخرى زحفًا داخل المغارات في الأودية لتجاوز طول المسافة، وأخرى تحتاج إلى القفز وتسلّق الأحجار. قطع نصف مسافة المسير: وباستخدام برامج قياس الوقت والمسافة، تم اجتياز مسافة “كلم واحد” فقط صعودًا في زمن 55 دقيقة، ليعكس حجم الجهد ووعورة طريق الصعود للوصول إلى قرية غية التراثية، ليتم التوقّف لالتقاط الأنفاس، وأخذ قسط من الراحة، وتناول بعض المشروبات، والتقاط الصور لمركز خاط وقمة جبل تهوي والضباب يعانقه ويعانق الجبال المحيطة كقمم جبال النماص. وبعد ذلك، انطلقنا إلى رحلة القرية التراثية الجاذبة، فمن يشاهد منازلها التراثية يتبادر إليه قربها وسهولة الوصول إليها، ولكن الوضع على الطبيعة يختلف كثيرًا جدًا، فذلك يحتاج إلى الكثير من الجهد، وقوة التحمّل، والحذر من السقوط في أثناء المسيرة، بالإضافة إلى الحاجة إلى اصطحاب ما يكفيك من المياه والأكل المفيد. وبعد مرور ما يقارب من ساعتين إضافيّتين، استطعنا الوصول إلى قرية غية التراثية الجاذبة. قرية غية التراثية: هي عبارة عن مجموعة من المنازل الأثرية القديمة الكثيرة التي تقع على سفوح الجبال، ومكوناتها من الأحجار، وسقوفها من الأخشاب والرمال، حيث تمتاز بجمال البناء، وإطلالتها الجميلة على قرى السليل ومركز خاط، وعند دخول المنازل، فما زالت الأدوات التراثية موجودة بداخلها كالرحى، والفوانيس، وأدوات الزراعة، وغيرها. وشوهد النقش التراثي الذي تحتويه المنازل، ويقع بالقرب من المنازل مزارع عديدة والعديد من الأشجار، حيث كانت تعتبر الزراعة وتربية المواشي هي المصدر المهم لأهالي قرية غية التراثية، ويوجد بداخلها جامع أثري كان يؤدّي أهالي القرية الصلاة فيه، وعند تطبيق برنامج تحديد القبلة، اتّضح دقة اتجاه محراب المسجد الذي بُني منذ وقتٍ بعيد بإتقانٍ هندسي باتجاه القبلة، وتشكّل الشلالات، ولا سيما وقت تساقط الأمطار، منظرًا مبهرًا، حيث تتدفّق المياه من جوار المنازل الأثرية، ويوجد فيها أحواض تتجمّع فيها المياه لتكون مصدر دائم لوجود المياه واستخداماتها المتنوعة، ويعلو القرية قمة جبل تهوي الرائع الذي يعانق الضباب دومًا، وهو أعلى قمة تعلو قرية غية الأثرية. ما تحتاجه القرية: وتعتبر قرية غية التراثية من المواقع السياحية الهامة والجاذبة، حيث تحتاج إلى عدة متطلّبات لتكون من ضمن القرى السياحية الجاذبة التي يقصدها السياح، ومن ذلك: شق الطرق، أو إيجاد طريق واضح المعالم ليسهل الوصول إليها ولو سيرًا على الأقدام على شكل درجٍ متدرّج لسلامة السياح والراغبين للوصول إليها من أهالي القرية. وتحتاج القرية إلى إعادة ترميمها، ولا سيما أنه ظهر جليًا تأثّر المنازل بعوامل التعرية المختلفة، كالأمطار والرياح، مما أدّى إلى تساقط وانهيار بعض سقوف المنازل، كما تحتاج أيضًا إلى خدمات الكهرباء التي هي عصب الحياة.