أقام فرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة تبوك، اليوم، بمستوطنة "عينونة" الأثرية، ورشة عمل تعريفية ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، وذلك بحضور عدد من أهالي وأعيان محافظة ضباء، والمهتمين بالشأن التراثي والسياحي بالمنطقة. وبدأت الورشة بجلسةٍ تعريفية بأهمية "عينونة"، وما تحويه من مواقع أثرية كانت تستخدم كأسواق لحضارات مختلفة من أهمها البيزنطية، وما لها من أهميةٍ اقتصادية في ذلك الزمان، حيث يقع بالقرب من ميناء "لوكي كومي" -المسمى الآن بمركز "الخريبة"- الذي كانت البضائع تُنقل منه إلى تلك الأسواق ومنها إلى شمال العالم، حيث يعتبر مركزًا تجاريًا ضخمًا على طريق الحجاج، وبعد ذلك، انتقل المشاركون والحضور لمشاهدة أعمال التنقيب التي تجري في الموقع، واستمعوا لشرحٍ مفصّل عمّا يتم فيه من حفريات تنقيبية ومسوحات أثرية. وأوضح أخصائي الآثار بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وليد بديوي، أن ورشة العمل تهدف إلى تعريف المجتمع المحلي بجملة الأعمال التي تقام في الموقع، وتصحيح بعض المفاهيم التي كانت مأخوذة عن أعمال التنقيب، وذلك إلى جانب التعريف ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، ومساعدتهم في الحفاظ على هذا الموقع الأثري كواحدٍ من أهم المواقع الأثرية التي تمتاز بها منطقة تبوك، والاستفادة منها كرافدٍ اقتصادي مهم في مستقبل الأيام، حيث تعتزم الهيئة على جعل هذا الموقع وكغيره من المواقع الأثرية بمثابة المتحف المفتوح أمام المواطنين والزائرين. وأضاف: "يمتاز موقع (عينوينة)، وهي مستوطنة تم اكتشافها مؤخرًا، بعمقه التاريخي الذي يعود للفترة النبطية الرومانية وبعضها لفترات إسلامية متعاقبة، ويحتوي على مجموعةٍ من الوحدات المعمارية تتركّز على أرضٍ واسعة مرتفعة عن بطن الوادي، وتطل على بقايا لتلال أثرية ومزارع، بالإضافة إلى مجرى لعينٍ تعرف في المصادر الإسلامية بعيون القصب"، مشيرًا إلى أنه من أكثر المجموعات وضوحًا بموقع عينونة هي وحدة معمارية ضخمة أطلق عليها (السوق)، وهي المنطقة التي يجري عمل التنقيب الأثري. كما تحتوي "عينونة" على مستوطنةٍ سكنية واقعة على قمة جبل الصفراء على ارتفاع ( 60 مترًا) تقريبًا، حيث بها عدد من المباني السكنية المتراصة، فيما تعد "عينونة" من أكبر الموانئ النبطية التجارية (ميناء لوكي كومي) على ساحل البحر الأحمر الذي يعود تاريخه إلى القرن الرابع قبل الميلاد ويمتد إلى القرن الثاني الميلادي، وبهذا يكون لموقع "عينونة" أهميته التاريخية التي توجب الحفاظ عليها والعناية بها، مبينًا أن آثار المنطقة المكتشفة في الموقع تمثّلت في عثور فرق التنقيب على بقايا جدران ممتدة تحت الطبقة الأرضية الحالية، وعدد من المعثورات الفخارية المتنوعة، والمطاحن، والمدقّات، وأنواع من المعادن، وعدد من الأصداف البحرية المتنوعة، فضلًا عن العثور على بقايا مجموعة من الأفران داخل الغرف، وبقايا صهر لخامات معدنية مختلفة. وأشاد البديوي، في الختام، بالوعي الذي ظهر عليه من شاركوا في هذه الورشة، ومدى تعاونهم مع أعمال الفرق التنقيبية، وارتفاع سقف الوعي بأهمية المواقع الأثرية في المنطقة، وما لها من أهميةٍ تاريخية وإنسانية.