فتح قرار الحكومة السعودية الباب أمام تحويل الأندية الرياضية المملوكة لها إلى شركات خاصة الطريق أمام الرياضة بالمملكة للسير على طريق نظيرتها بأوروبا وتحولها من عبء على ميزانية المملكة إلى مصدر جديد لدعم الاقتصاد المحلي. وأولت السعودية مؤخراً أهمية كبرى لتنويع موارد اقتصادها بدلاً من الاعتماد على النفط، ولا شك أن هذا القرار يعتبر خطوة مميزة ويتواكب مع النهج التحديثي الذي تسير عليه البلاد وفق برنامج التحول الوطني 2020 الذي يعتبر المرحلة الأولى لرؤية السعودية 2030. وتعيش الأندية وضعاً سيئاً بسبب الأزمات المالية التي تضربها بقوة حتى إن أندية النصر والاتحاد والهلال حصلت على قروض بنهاية العام الماضي بمجموع يصل إلى 140 مليون ريال تسدد خلال موسمين. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود منح في العام الماضي نصف مليار ريال للأندية تصرف بواقع 10 ملايين ريال لأندية الدرجة الممتازة و5 ملايين ريال لأندية الدرجة الأولى و2 مليون ريال لأندية الدرجتين الثانية والثالثة للصرف على مستلزمات الأندية وهو ما يوضح العبء الثقيل الذي تمثله على الميزانية العامة. ويبلغ عدد الأندية السعودية 170 نادياً وذلك بعد إنشاء 17 نادياً جديداً في أواخر أكتوبر 2014 يلعب 14 منها في دوري جميل عبد اللطيف للمحترفين. وأثبتت خطوة الخصخصة نجاحها في العديد من دول العالم خاصة في التجربتين الأوروبية واللاتينية حيث سيحرر هذا الأمر ميزانية الدولة من مصاريف أنشطة تلك الأندية بل وسيدخل أموالاً جديدة لها. وتمتلك السعودية كل عوامل النجاح فالبنية التحتية الرياضية على درجة كبيرة من القوة بالإضافة للمستثمرين الراغبين في شراء الأندية وتحويلها لشركات خاصة فضلاً عن الجماهير العريضة المهتمة بكرة القدم بما يجعلها بلداً جاهزاً لتحويل الرياضة لصناعة حقيقية وليست لعبة للترفيه فقط. وسيحرص ملاك الأندية على رفع العوائد المالية وتحقيق الأرباح قدر المستطاع لتعويض الأموال التي دفعوها في شرائها. ولن تتوقف الفوائد التي ستحصل عليها المملكة من خصخصة الرياضة عند رفع العبء المالي عنها فقط بل إنها ستساهم كثيراً في تطوير السياحة كما حدث في التجربة الإسبانية حيث تشير الدراسات إلى أن الدولة الأوروبية انتعشت سياحياً في أعقاب التطور الكبير الذي حدث في كرة القدم واشتعال الصراع بين العملاقين ريال مدريد وبرشلونة. ومن المنتظر أيضاً أن يوفر هذا القرار فرص عمل كثيرة للشباب حيث سيتطلب التحول من أندية مملوكة للهيئة العامة للرياضة إلى أندية خاصة لوظائف جديدة ومهام مستحدثة. ومع التسابق بين ملاك الأندية على دعم فرقهم بصفقات مميزة أملاً في حصد البطولات ورفع العوائد المالية فإن القيمة التسويقية للبطولات سترتفع بما سيعود على القطاع الرياضي بفوائد عديدة تزيد كثيراً عما يحدث حالياً. وخلال الأيام الماضية تحدثت وسائل إعلام إنجليزية عن دراسة عدد من المليارديرات السعوديين شراء أندية إنجليزية وعمل تواصل بينها وبين الأندية المحلية التي سيمتلكونها من أجل اكتساب مزيد من الخبرات وتوسيع استثماراتهم . وأوضحت أن تلك الخطوة لو حدثت ستساهم بقوة في نقل الخبرات للاعبين والمدربين والمحللين لدعم الدوري السعودي وتطويره ليواكب البطولات الأوروبية.