تعتبر منطقة الجوف من المناطق الغنية بالتراث الحضاري والموروث الثقافي والأثري الكبير، حيث إن الزائر للمنطقة يجد فيها التنوع التاريخي في فتراته كافة، كما أثبتت دلائل الاستقرار في المنطقة التي ترجع إلى ما قبل التاريخ، وتضم المنطقة ومركزها الإداري مدينة سكاكا ثلاث محافظات "دومة الجندل والقريات وطبرجل" وعددًا من المراكز. وتعد زيارة محافظة دومة الجندل خلال الإجازة فرصة لاكتشاف تراثها الثقافي المتنوع والمبهر الذي يعيد الأذهان إلى الماضي، لتوافر الموارد الطبيعية ذات الجودة العالية كالزيتون والتمور والحرف اليدوية المتنوعة متعددة الأطياف، وفيها طراز مختلف للمزارع البدائية تحتضنها المحافظة في جولة يستمتع بها الزائر بين أشجار النخيل والزيتون محفوفة بأسوار الحجر والطين وتسقيها ينابيع الماء الصافية على طراز مزارع الأجداد. وقد سميت دومة الجندل بهذا الاسم لأن حصنها شيد من حجر الجندل الصلب الذي اشتهرت به المحافظة، ولموقعها الاستراتيجي الذي استقطب البشر عبر الأزمان جعلها تشتهر بمعالم أثرية متنوعة في بنائها تجبر فضولك على زيارتها ودخولها والتعرف عليها عن قرب كقلعة مارد ومسجد عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – الذي يتميز بمئذنته الصامدة وجمالها الشامخ التي تعد أول مئذنة في الإسلام. وتحتضن دومة الجندل المنطقة الأثرية التي تضم العديد من المباني الأثرية شيدت عبر الأزمان، وبحسب تسلسلها الزمني بين مدير عام فرع الهيئة العامة للسياحة والآثار بمنطقة الجوف أحمد القعيد أن قلعة مارد قد شيدت فوق مرتفع صخري يطل على البلدة القديمة من الجهة الجنوبية، حيث يرتفع مستوى أرضيات القلعة عن مستوى مباني البلدة القديمة بنحو 25م تقريبًا، ويعود تاريخ بناء القلعة إلى عدة قرون تسبق العصر الإسلامي، إذ ورد ذكرها في ثنايا بعض الأخبار التي تحدثت عن محاولة ملكة تدمر زنوبيا إخضاع القلعة لسلطتها فلم تستطع، وقد أوردت بعض المصادر الإسلامية مقولتها الشهيرة " تمرد مارد وعز الأبلق ". كما تحدث ياقوت الحموي عن القلعة حينما قال : إن حصن دومة الجندل يسمى ماردًا لصعوبة الوصول إليه لارتفاع بنائه، مبينًا أن المنطقة الأثرية في دومة الجندل تحتضن مسجد الخليفة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – الذي بني عام 17ه على يد الخليفة أثناء عودته من فتح بيت المقدس، وقد بني المسجد من الحجر المهذب والطين وسقفه من الخشب والجريد بشكل مستطيل، وتبلغ مساحة المسجد نحو 600م تقريبًا، ويتميز بمئذنته الشهيرة التي ما زالت قائمة على وضعها السابق حيث تعد أقدم مئذنة قائمة حتى الآن. وبيّن القعيد أنه يوجد في المنطقة الأثرية بمحافظة دومة الجندل حي الدرع ذو إطلاله على مسجد عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – منازله حجرية متلاصقة، وأزقته متصلة ببعضها البعض بعضها مغطى بأقواس تم رصفها عام 1413ه ، ويتألف بعضها من دورين مبنية من الحجر ومسقوفة بالأثل وسعف النخيل، ولموقعه بين البساتين تم عمل مسارب للماء بداخله لكي تؤمن الحياة لساكني الحي من عيونها القريبة، وعندما تتجول في الحي ستعرف أن للتاريخ رائحة تشم، ستذهب بك بعيدًا إلى غير المكان، لنتذكر كل ما هو جميل من بقايا الزمن الماضي. وأكد مدير سياحة الجوف أن من يزور المنطقة الأثرية بدومة الجندل يعيش في مواقع يندر العيش بها إلا في مدناً تاريخية ، حيث يضم الموقع ديوانية القلعة ذات الوجبات التراثية وسط بيت النصار الأثري الذي بني على الطراز ذاته في لحظات جميلة بين الحاضر والماضي ، كما يضم العديد من المحال التي تبيع منتجات الجوف – الأسر المنتجة – وتمثل الدكان القديم. ورغم ما تمتلكه محافظة دومة الجندل من إرث تراثي بالغ الأهمية على مستوى العالم إلا أنها استطاعت مواكبة الحاضر لوجود بحيرة فيها تشهد سنويًا سباقا للدراجات البحرية على مستوى المملكة، كما احتضنت في السابق سباقا للدرجات البحرية على مستوى الخليج. وأوضح رئيس بلدية دومة الجندل المهندس فهد المغرق، أن المحافظة أصبحت مقصدًا للسياحة بالشمال لما شهدته الأعوام الأخيرة من مشاريع تطويرية قامت بها بلدية دومة الجندل والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالجوف ، إضافة لما تمتلك من تاريخ عريق ومواقع سياحية مختلفة بطابعها ، حيث تجمع المحافظة السياحة البحرية والتراث والخضرة وسياحة الشتاء، تؤهلها أن تكون وجهة سياحية لقاصديها ، خاصة في الإجازة القادمة حيث تحتضن بطولة المملكة للدبابات البحرية. وأفاد المهندس المغرق أن مساحة بحيرة دومة الجندل الصناعية تقدر بمليون متر مربع مخصصة لتجمع المياه الفائضة عن ري الأراضي الزراعية، وقد أكد الجيولوجيون أن دومة الجندل من أغنى مناطق العالم بالمياه ، ولذلك فمياهه نظيفة إلا أنها مالحة، ويبلغ عمق البحيرة في المنتصف 15م ، وتتفرد بموقعها الجميل كونها بحيرة وسط الصحراء ، فأصبحت متنزها للأهالي وزوار المنطقة. وتعتبر بحيرة دومة الجندل البحيرة الوحيدة في الجزيرة العربية تقع على ضفاف مسجد عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وقصر مارد التاريخي وتحفها الجبال من عدة نواحٍ ، كما يشرف عليها من الجهة الغربية أشجار النخيل. وأبان رئيس بلدية دومة الجندل أن البحيرة مجهزة للمتنزهين ، حيث تبلغ مساحة المسطحات الخضراء على ضفافها 140.000 متر مربع أقيم بالقرب منها جامع والعديد من الخدمات التي يحتاجها المتنزه كدورات مياه للرجال والنساء وألعاب للأطفال ومرسى للقوارب ودراجات مائية، كما شيدت جوار البحيرة منطقة الملاعب الرياضية تحتوي على مسطح أخضر بمساحة 120.000 متر مربع ، ودورات مياه وأجهزة اللياقة البدنية ومصلى ، كما أن العمل جارٍ على تطوير الموقع هذا العام لرفع المسطحات الخضراء استعداداً لبطولة سباقات المملكة للرياضات البحرية التي ستنطلق خلال الإجازة القادمة. كما أن محافظة دومة الجندل تضم العديد من المنتزهات أبرزها منتزه لايجة البري ، حيث أوضح رئيس بلديتها المهندس فهد المغرق أنه تم تجهيزه على مستوى عالٍ للزوار على الطريق الرابط بين طريق حائلالجوف ويبلغ إجمالي مساحته 300 ألف متر مربع تحتوي على مسطحات خضراء وجلسات مجهزة بالمظلات وأجزاء مخصصة لألعاب الأطفال ودورات مياه مقسمة للرجال والنساء، ويوجد في المتنزه أعداد كبيرة من أشجار الزيتون والنخيل التي اشتهرت بها المنطقة، وقد روعي في تصميم المتنزه وجود ممرات للمشاة ومواقع للشواء، بالإضافة إلى تزويده بسيارات خاصة لكبار السن والمعاقين. ويتشكل جزء من منطقة الجوف من الامتداد الشمالي لصحراء النفود بما يحويه من كثبان مختلفة الاتساع، وقد يصل عرض الكثيب الواحد إلى 100م ، ويوفر ذلك بيئة ملائمة لرياضات ركوب الجمال والخيل ، وقيادة السيارات على الرمال أو ما يعرف بسياحة الصحاري ، كما تضم محافظة دومة الجندل "نفود لايجة" أحد المواقع التي تغطيها الرمال، وتعد مناسبة للرحلات السياحية التي يعشقها الكثير كونها قريبة جدًا من المحافظة، وهي ملائمة لسياحة التخييم. ومازالت الحياة البدوية في منطقة الجوف قائمة حيث إن هناك عددًا من سكان البادية يقطنون الأجزاء الصحراوية من المنطقة، ويعيشون حياتهم وتقاليدهم اليومية كما هي عليه في السابق، وهذا النمط من الحياة البدوية يغري الكثير بالاستمتاع به ومعرفة الكثير عن تفاصيله وزيارة مخيماتهم، ويمكن تنظيم زيارات إلى مواقع سكان البادية ومخيماتهم، ومشاركتهم حياتهم كأحد معالم الجذب السياحي لزوار المنطقة، وأحد مصادر الدخل للسكان المحليين ومنظمي الرحلات والزيارات السياحية لهذه الأمكنة. كما تشتهر المحافظة بالمأكولات الشعبية الخاصة بها وسيصاحب تنظيم بطولة المملكة البحرية إقامة سوق للأسر المنتجة تقدم الأكلات الشعبية الشهيرة، كالمرقوق واللخوفه والجريش وبكيلة التمر وخبز الصاج . وتمتلك دومة الجندل العديد من وحدات الإيواء السكنية المميزة التي يبحث عنها الزائر، وقد قام فرع السياحة بالجوف بجولات عليها للتأكد من جاهزيتها، إضافة إلى وجود الأسواق الشعبية، والمتحف الوطني والمتاحف الخاصة. يذكر أن محافظة دومة الجندل تستعد هذه الأيام لاستضافة بطولة المملكة للدبابات البحرية، حيث تنطلق البطولة في التاسع من شهر صفر وتستمر لمدة ثلاثة أيام، تنظمها بلدية دومة الجندل بالتعاون مع الاتحاد السعودي للرياضات البحرية، التي اتخذت شعاراً لها بعنوان : #أبحر_شمالاً .
div class="addthis_inline_share_toolbox_3adf" data-url="https://www.almowaten.net/?p=757712" data-title=""أبحر شمالاً".. متعة الحياة البدوية والسياحة في بحيرة الصحراء بالجوف"