إعداد : فهد الطريف / تصوير : أحمد الجروان تعتبر منطقة الجوف من المناطق الغنية بالتراث الحضاري والموروث الثقافي والأثري الكبير، حيث أن الزائر للمنطقة يجد فيها التنوع التاريخي في فتراته كافة، كما أثبتت دلائل الاستقرار في المنطقة التي ترجع إلى ما قبل التاريخ، وتضم المنطقة ومركزها الإداري مدينة سكاكا ثلاثة محافظات "دومة الجندل والقريات وطبرجل" وعددًا من المراكز. وتعد زيارة محافظة دومة الجندل خلال الإجازة فرصة لاكتشاف تراثها الثقافي المتنوع والمبهر الذي يعيد الأذهان إلى الماضي، لتوفر الموارد الطبيعية ذات الجودة العالية كالزيتون والتمور والحرف اليدوية المتنوعة متعددة الأطياف، وفيها طراز مختلف للمزارع البدائية تحتضنها المحافظة في جولة يستمتع بها الزائر بين أشجار النخيل والزيتون محفوفة بأسوار الحجر والطين وتسقيها ينابيع الماء الصافية على طراز مزارع الأجداد. وقد سمييت دومة الجندل بهذا الاسم لأن حصنها شيد من حجر الجندل الصلب الذي اشتهرت به المحافظة، ولموقعها الاستراتيجي الذي استقطب البشر عبر الأزمان جعلها تشتهر بمعالم أثرية متنوعة في بنائها تجبر فضولك على زيارتها ودخولها والتعرف عليها عن قرب كقلعة مارد ومسجد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الذي يتميز بمئذنته الصامدة وجمالها الشامخ التي تعد كأول مئذنة في الإسلام. وتحتظن دومة الجندل المنطقة الأثرية التي تُضم العديد من المباني الأثرية شيدت عبر الأزمان، وبحسب تسلسلها الزمني بين مدير عام فرع الهيئة العامة للسياحة والآثار بمنطقة الجوف أحمد القعيد أن قلعة مارد قد شيدت فوق مرتفع صخري يطل على البلدة القديمة من الجهة الجنوبية، حيث يرتفع مستوى أرضيات القلعة عن مستوى مباني البلدة القديمة بنحو 25م تقريبًا، ويعود تاريخ بناء القلعة إلى عدة قرون تسبق العصر الإسلامي، إذ ورد ذكرها في ثنايا بعض الأخبار التي تحدثت عن محاولة ملكة تدمر زنوبيا إخضاع القلعة لسلطتها فلم تستطع، وقد أوردت بعض المصادر الإسلامية مقولتها الشهيرة " تمرد مارد وعز الأبلق ". كما تحدث ياقوت الحموي عن القلعة حينما قال : إن حصن دومة الجندل يسمى ماردًا لصعوبة الوصول إليه لإرتفاع بنائه، مبينًا أن المنطقة الأثرية في دومة الجندل تحتضن مسجد الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الذي بني عام 17ه على يد الخليفة أثناء عودته من فتح بيت المقدس، وقد بني المسجد من الحجر المهذب والطين وسقفه من الخشب والجريد بشكل مستطيل، وتبلغ مساحة المسجد نحو 600م تقريبًا، ويتميز بمئذنته الشهيرة التي ما زالت قائمة على وضعها السابق حيث تعد أقدم مئذنة قائمة حتى الآن. وبين القعيد أنه يوجد في المنطقة الأثرية بمحافظة دومة الجندل حي الدرع ذو إطلاله على مسجد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - منازله حجرية متلاصقة، وأزقته متصلة ببعضها البعض بعضها مغطى بأقواس تم رصفها عام 1413ه ، ويتألف بعضها من دورين مبنية من الحجر ومسقوفة بالأثل وسعف النخيل، ولموقعه بين البساتين تم عمل مسارب للماء بداخله لكي تؤمن الحياة لساكني الحي من عيونها القريبة، وعندما تتجول في الحي ستعرف أن للتاريخ رائحة تشم، ستذهب بك بعيدًا إلى غير المكان، لنتذكر كل ما هو جميل من بقايا الزمن الماضي. // يتبع //