مظهر يُدمي القلوب، ليس شرطاً أن يكون مشهداً لحرب، بل أن الخير قد يكون مُسبباً ضحايا، لو لم يكن هناك استعدادات له، وهو ما ينطبق على الأمطار والسيول، التي تتعرض لها السودان. ولمدّة أسابيع، تعرضت السودان إلى سيول وفيضانات اجتاحت غالبية ولاياتها، لتُخلف أكثر من 150 قتيلاً، وآلاف الضحايا والمُشردين خارج بيوتهم، وسط تحذيرات شبه يومية من السلطات، بسبب ارتفاع منسوب مياه نهر النيل. وحملت غرفة الطوارئ، التي شكلتها الخرطوم، على عاتقها تلقي الاستغاثات، وتحذير المواطنين، كما نشرت قوات الدفاع المدني، وحداتاً إضافية على طول مجرى نهر النيل، خصوصاً على الجسور التي تربط مدن العاصمة الثلاث، وتحذيرات أخرى من جمعية الهلال الأحمر، من زيادة في منسوب النيل الأزرق – الرافد الرئيسي لنهر النيل -، في ولاية سنار المتاخمة للهضبة الإثيوبية، على حدود البلاد الشرقيةالجنوبية. فيما بلغ ارتفاع منسوب مياه نهر النيل في الخرطوم، 16 متراً و54 سنتمتراً، وفقاً لآخر قياس أعلنه الدفاع المدني، الأربعاء الماضي، ليكون معدل الفيضان هو الأعلى منذ 100 عام، متوقعة معدلات أعلى خلال الشهر الحالي. وتكمُن المشكلة الأساسية، في حجم الأضرار الكبيرة التي ستحدث في السودان؛ بسبب فقر البنية التحتية، خاصة مع وجود شبكة الصرف الصحي البدائية في أغلب مدن البلاد، ومن ضمنها العاصمة الخرطوم. وأكثر من 36 قرية في ولاية سنار جنوب شرقي السودان، تواجه أوضاعاً حرجة، حيث بلغ عدد المتضررين من الفيضانات أكثر من 20 ألف شخص في الولاية فقط، بحسب مدير الهلال الأحمر هناك إبراهيم أحمد إبراهيم، كما أتلفت السيول 90% من مزارع الموز والمحاصيل الزراعية الأخرى. وتأتي ولايات كسلا، وسنار، وجنوب كردفان، وغرب كردفان وشمال كردفان، ضمن الأكثر تضرراً من الأوضاع التي تشهدها الدولة الإفريقية. وفي السودان عامة، أكثر من 161 ألف شخص تضرروا من السيول، وتم تدمير أكثر من 25 ألف منزل في مناطق عدة. كما تواجه فرق الإغاثة الإنسانية، صعوبات بالغة لإيصال المساعدات للمتضررين في المناطق المنكوبة؛ وذلك نتيجة انقطاع الطرق بسبب الفيضانات. وتسببت الفيضانات، في انقطاع الطريق السريع الرئيسي، الذي يربط كسلا مع بورتسودان، كما غمرت المياه سكك الحديد التي تعبر المنطقة، وسط انتشار لحالات الملاريا في القرى التي اجتاحتها الفيضانات. وعلى الرغم من وصول أطنان من المواد الإغاثية، ألا أن المنظمات الإغاثية لا يمكنها نقلها بسبب الطقس . وأيماناً من الملك سلمان بن عبد العزيز، ونظراً لما تعرضت له السودان من فيضانات نتيجة استمرار هطول الأمطار الغزيرة، وما نتج عن ذلك من أضرار، فقد وجّه بتقديم مائتي طن من المساعدات الغذائية والعينية والإغاثية للمتضررين من هذه السيول، عن طريق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية. وفي محاولة للإيضاح بشكل أكبر، قالت المنسق المقيم للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالسودان، مارتا رويداس، إن نحو 160 ألف شخص تضرروا جراء الفيضانات والسيول في السودان، إضافة إلى تهدم آلاف المنازل، لافتة إلى أن هناك ما يُزيد الوضع سوءً، وهو أن الأطفال هناك لم يتم تطعيمهم ضد الأمراض لمدّة 5 سنوات، إضافة إلى سوء التغذية الحاد الذي يواجه السكان، جراء نقص الغذاء، وقلة مساحة الأراضي الزراعية.