دخل السعوديون مجدداً أزمة غذاءٍ جديدةٍ مع ارتفاع أسعار الأرز البسمتي منذ منتصف فبراير الماضي، دون أي مبادرةٍ للحل من قبل وزارة التجارة والصناعة، التي أكدت في تقارير صحافية، مبينةً أنها ستعمل من أجل التدخل على وجه السرعة لعودة أسعارالأرز لمعدلاتها الطبيعية، إن كانت المؤثرات العالمية سبباً لصعود الأسعار عن طريق اللجان الوزارية لدعم السلعة وتوفيرها للمستهلك بأسعار مناسبة، مشيرةً إلى أن البيانات الدولية تشير إلى انخفاض أسعار عقود شهر آذار (مارس) الماضي، بعد أن سجلت ارتفاعاً في الأشهر القليلة الماضية. وراوحت الأسعار العالمية للأرز البسمتي الهندي خلال الأشهر الماضية بين مستويات 1000 إلى 1400 دولار للطن، وسجلت الأسعار حتى أواخر مارس الماضي ارتفاعاً وصل حتى 20%. وبحسب بيانات صندوق النقد فإن الهند تتصدر قائمة الدول المصدرة للأرز إلى السعودية، حيث صدرت خلال عام 2011م نحو 697.5 ألف طن، وهو ما يمثل نحو 64 في المائة من واردات البلاد من الأرز خلال العام. وقال البنك الدولي إن انخفاضاً في مخزونات الأرز في تايلاند التي تقدر بنحو 12 مليون طن – أو ما يعادل ثلث إجمالي تجارة الأرز العالمية – ربما يكون له تأثيرٌ سلبيٌّ على استقرار أسواق الغذاء. ورجح عاملون في السوق حدوث زيادةٍ في أسعارالأرز في الفترة المقبلة في ظل مؤشرات على بيع الهند حتى يناير الماضي، كامل إنتاجها من الأرزالبسمتي الخام البالغ 15 مليون كيس و40 مليون كيس من الأرز الخام ‘1121' قليل الجودة، الذي استحوذت عليه إيران بشكل كامل في عام 2012م وتعمل على شراء الكميات التي ستتم زراعتها وإنتاجها خلال 2013م. وتشير معلوماتٌ إلى أن الإنتاجية العالية للهكتار الواحد تقدر بين 1600 و1800 كيلو، أي أكثر من 5.1 طن تقريباً. في حين ينتج الهكتار بين 900 و1200 كيلو منالأرز البسمتي، الأمر الذي دفع مزارعي الهند إلى زراعة هذا النوع تلبيةً للطلبات الإيرانية. وقال مدير مبيعات في إحدى شركات الأرز الشهيرة محلياً – طلب عدم ذكر اسمه – إن سعر طن الأرزالبسمتي حتى نهاية عام 2012م راوح بين 975 و1050 دولاراً لكنه قفز حاليا إلى 1520 دولاراً، أما أرز ‘1121' كان 900 دولار حتى نهاية 2012م وارتفع حاليا إلى 1300 دولار، متوقعاً عدم حدوث انخفاض في أسعار الأرز، في ظل توجه الهند إلى زراعته بكمياتٍ كبيرةٍ لصالح إيران. ويسيطر ثلاثة تجارٍ على سوق الأرز في المملكة بنسبة تصل إلى 80%، يتصدرهم بنسبة 35 % عمر صالح بابكر بعلامة “أبو كاس”، يليه “أرز الشعلان” لشركة الشعلان بنسبة 25 %، ثم المهيدب وعلامته الوليمة على 20%، فيما تتوزع النسبة الباقية على موردين مثل بلشرف والعثيم وغيرهما. من جهته، قال الدكتور رشود الخريف الأستاذ بجامعة الملك سعود المتخصص في الدراسات السكانية في حديثٍ هاتفيٍّ مع “المواطن”، تعليقاً على الأزمة، إن المملكة تعتمد في توفير نحو 80 في المائة من المواد الغذائية الأساسية على الاستيراد من الخارج، فاستشعر خادم الحرمين الشريفين ذلك ووجّه رجال الأعمال والشركات السعودية للاستثمار في زراعة الحبوب في بعض الدول التي تتوافر فيها مقومات الزراعة، وخاصة المياه، كالسودان وكينيا وإثيوبيا وموزمبيق وأمريكا اللاتينية وغيرها. لكن الدكتور الخريف عبر عن قلقه من ذلك بحقيقة أن كثيراً من الدول النامية التي يمكن الاستثمار الزراعي فيها تعاني من عدم الاستقرار، مما يعرض الاستثمار للخطر أو ربما التوقف في أوقات الأزمات، إذا ما قررت تلك الدول التوقف عن التصدير، معتبراً أن معالجة هذه الأزمات يكون بالاهتمام بالمخزون الاستراتيجي من الحبوب وإدارته بأحدث الطرق التقنية المناسبة.