"الهوى شرقي وقلبي هاوي الشرقية"، حالتي الآن لا تَسُّر إطلاقاً، فأنا أمام معشوقي في أول لقاء معه، وبي من الصراعات الداخلية ما يُشِلُ تفكيري، "ليس وقتكما الآن"، شجار عقلي وقلبي في اختيار كلماتي لمحبوبي علا وطغى، وجعلاني أبدوا كطفلة تريد أن تختبئ وراء أمها حتى تقوى بقوتها، فعذراً يا " شرقي الهادئ " سأغمض عينيَّ قليلاً وأسترخي وأتمنى أمنيةً كالذين يتمنونها قبل أن يُطفئوا شمعة يوم ميلادهم، لينالوا سعادةً تغيِّر مجرى حياتهم، بأن تُسعفني محبتي الكبيرة لك في استعادة نبضاتي الطبيعية حتى أتمكن من إعادة السيطرة على مَن ثاروا في حُبك، وبهدوئي نظرت حولي وأخذت نَفَساً يكاد أن يُنهي ما في مكاني من أكسجين ثم زفرته بهدوء. ومَن لا يعشق الشرقية! أمجنون أنت يا مَن قلت أنا ؟! بها من الناس الذين تستأنس بالتحدث معهم، وكَتب الله لهم من الطيبة ما يجبرك على محبتهم، وإن كنت لا تحب الاختلاط بالناس، فيكفيك أن تستوحد مع رفيقك الذي يستمع لك دون أن تتحدث معه، ويغمرك دون أن يقترب منك، فقط اجلس على شاطئه واستمتع. صدقاً، "الشرقية" مختلفة، وقد أغلوا في وصفها لمحبتي الكبيرة لها ولكن ستجدون صحةً في كلماتي، وصدقاً في الوصف ممن يعرفها كمعرفتي بها، ف "الشرقي الهادئ" بشوش، وبه من مظاهر تطور المدن ما يُفخر به، مع مطالبتنا بالمزيد بما يناسب مكانة المنطقة ومساحتها وحقها لكونها من ضمن أهم المناطق في المملكة، وإن أردنا أن نتحدث عن الناس هنا، فهم ودودون وتُجرح شهادتي فيهم لكوني منهم، فالجار أقرب من العائلة والحي عائلة كبيرة، والاحترام والتقدير والابتسامة هي عنوان الشرقية. ومن خلال ذلك لم أعرف مصطلحاً " للعنصرية أو التعصب " إلا من قريب، فالمنطقة متعايشة ومتماسكة بعضها ببعض مثلها مثل بقية المناطق، إلا من أراد أن يشذ منها أو من غيرها عن السائد فهذه مشكلته وليتحمل ما جنته أفعاله، لتسليمه نفسه لمن لا يرونه إلا فأراً لنجاح مخططهم، فانظر إلى الواقع وستعلم جيداً بأن الفشل حليفك، ومهما فتح الوطن ذراعه لعودتك، فعقابه لكذبك ومواصلة بيعك نفسك لهم أشد، فالوطن للجميع بتعدد مذاهبه وقبائله وطبقاته وألوانه، فالأصل هو التعايش والسلام بما يحمله السلم من معاني سامية، ولا أصل لما يحدث حالياً من كمية الحقد " الظاهر " والعبارات المتهكمة التي تَحِط من قدر الآخر لكونه يختلف عنك. فالعنصرية ليست حكراً على المذهبية منها فقط ولا المناطقية أو القبائلية أو اللون أو غيرها، بل حتى الدين يناله ما يناله من جهالة المتحدث و" بغبغة " الحاضرين! ، فلبعضهم قد نجد عذراً ونُبَينه وهو " صِغر العمر الذي يلعب الدور "، فالإسلام عموماً دين التعايش والألفة ونبذ التعصب والعنصرية، وكل صفة تُفرق المسلمين بعضهم عن بعض أو عن غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى، ويشدني سؤال: كيف وصلنا إلى هذه الحال ؟! وأغير السؤال باقتباسٍ من برنامج أحمد الشقيري، لو كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيننا الآن هل سيرضيه ما يحدث؟ لا تُجب بل أعد قراءة السؤال مرة أخرى. هل نستطيع أن نعيد هيكلة التربية في كل منابعها، ونعيد زرع الوحدة التي لا تفرق بين أبيض وأسود، بين هلالي ونصراوي، بين سُني وشيعي، بين رجل وامرأة ؟!، كلنا أبناء الوطن، وكلنا لنا وعلينا من الحقوق والواجبات بما لا يقل ولا يكثر عن غيرنا، فلماذا نسمح بمرور هذه الأشياء التي تتراكم في القلوب وتنتج الكراهية والحقد، فالفعل يجر آخر وآخر، حتى يصبح مَن لا يُنزِّه نفسه ويصطفيها هو مَن شذَّ عنّا!. دعوا الخلق للخالق، وأفشوا السلام، ولا تتدخلوا وتتطفلوا على غيركم إلا بالكلام الطيب الذي يعكس إسلامنا، ومن أراد أن يزعزع لُحمة الوطن فله العقاب الذي يستحقه من الدولة لكونها المسؤول عن ذلك، فلست أنا ولا أنت أو أي أحد آخر من له الحق في تطبيق العقاب واختياره.