جاء قرار المملكة بفتح أجوائها وحدودها مع قطر استجابة لطلب أمير دولة الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وكبادرة حسن نية ويعكس جدية والتزام من الرياض بوضع أسس لحل الأزمة القائمة، وهو النهج الذي اتبعته منذ اليوم الأول، وترسيخًا لدورها التاريخي في عمل كل ما من شأنه تعزيز تماسك ولحمة الكيان الخليجي. السعودية تستجيب لطلب أمير الكويت: وتنظر المملكة بكل تقدير لجهود دولة الكويت المبذولة لحل الأزمة القائمة، واستجابتها لطلب أميرها الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح يعكس ما يحظى به من مكانة عالية لدى أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث تؤكد بقرارها فتح أجوائها مع قطر أنها مع كل الجهود السياسية الرامية لوضع حدٍّ للأزمة الحالية، انطلاقًا من كونها الشقيقة الكبرى لدول مجلس التعاون، ودورها المحوري في تعزيز مكانة المنظومة والعمل لما فيه خير ومصلحة دولها وشعوبها. نواف الأحمد الصباح تحصين مجلس التعاون: وعلى مدار تاريخها، لعبت المملكة دورًا قياديًّا في تحصين مجلس التعاون الخليجي ضد أي اختراقات والترفّع به عن أي مهاترات، وتجنيبه أعتى الأزمات التي تربصت بأمنه وهددت دوله واستهدفت تماسك وحدته، حيث ترى المملكة دومًا وتؤكد أن الأمن الخليجي هو كلٌّ لا يتجزأ في وجهة نظر الشقيقة الكبرى السعودية، والتي حافظت وبالشواهد التاريخية على أمن كل دوله ودافعت عن قضاياها واصطفت خلف مواقفها في المحافل الإقليمية والدولية. تحديات واصطفاف: ولا أحد ينكر أن مجلس التعاون الخليجي مرّ على مدار العقود الأربعة الماضية بالعديد من التحديات التي فاقت في تبعاتها الأزمة الحالية الطارئة، ومع ذلك عبر المجلس منها بقيادة المملكة العربية السعودية وتعاون شقيقاتها إلى برّ الأمان، ومقابل حالة الاصطفاف الإقليمية الناشئة عن الأزمة الحالية في الخليج، إلا أن جهود الوساطة الكويتية والدعم الذي لقيته من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كانت ولا تزال بارقة الأمل التي يُترقب أن تكلل بكتابة نهاية لهذه الأزمة تُعيد لمجلس التعاون قوته وتماسكه ودوره المحوري البارز في المنطقة. الخلافات لا تقلل من شأن المجلس: كما أن مجلس التعاون شأنه شأن أي منظمة متعددة الأطراف، والتباين في وجهات النظر ونشوء بعض الخلافات بين الحين والآخر هو أمر طبيعي لا يقلل من شأن ما يمثله المجلس من وحدة متفردة قد لا يكون لها مثيل عبر تاريخ المنطقة من حيث تشابه النسيج الشعبي ووحدة الدين واللغة والمصير المشترك، وهو ما يجعل الحفاظ عليه خيارًا إستراتيجيًّا ليس للسعودية فقط بل لجميع دوله، ومهما بلغت حدة خلافات الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي إلا أن أواصر الوحدة والمصير المشترك التي أرسى دعائمها الآباء المؤسسون لهذا الصرح وسارت عليها القيادات المتعاقبة من بعدهم تجعل من المجلس مظلة جامعة لتحقيق أمن دوله والمنطقة ومجابهة التحديات الإقليمية التي تحلم بتفكيكه وانهياره.